وروى عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه قال حج ذو القرنين فلقى إبراهيم وهذا يدل على تقادم عهده .
وقد روى من جهات كثيرة أن ذا القرنين كان فى زمن إبراهيم عليه السلام فى عصر أفريدون وتلك تواريخ لا يوثق بها والذى نقل إلينا فى التواريخ اليونانية والسريانية وهى أقرب إلى الثقة يقتضى أن بينهما زمانا طويلا يزيد على ألف سنة .
وروى عن ابن عباس رضى الله تعالى عنه أن ذا القرنين هو عبد الله ابن الضحاك وهذه رواية مهجورة لا يلتفت العقلاء إليها ولسنا ننكر أن عبد الله بن الضحاك هذا يدعى ذا القرنين فهو اسم مشترك ولقب منقول وقد سمى أحد ملوك الحيرة من بنى نصر ذا القرنين لضفيرتين من شعركانتا له وهو المنذر بن ماء السماء وفى ملوك حمير ملكان كانا يدعى كل واحد منهما ذا القرنين وإنما ننكر أن يكون ملكا سلطانا إذ كنا نجد أخبار الأمم تكذبه وكان هذا الأمر البين لا يخمل فيخفى على العرب شأنه وهى ألهج أمة بحفظ المآثر وأحرصها على إحصاء المفاخر .
وزعم بعض الفرس أن ذا القرنين هو الضحاك المسمى بيوراسف وأن قرنيه هما السلعتان اللتان تسميهما العامة حيتين وكانت ناشزتين فى فروع كتفيه وهذا أبعد شئ عن الصواب ولكن الآراء والألسن واللغات والفرق مطبقة على أن ذا القرنين هذا هو الإسكندر الرومى قاتل دارا وقد نقل إلينا من أخباره المطابقة لما اقتص الله تعالى فى كتابه والذى يقوى هذا الرأى إجماع رواة الأمم على أن السد الذى يدعى ردم يأجوج ومأجوج من صنع الإسكندر وأنه لم ينقل إلينا خبر ملك جمع بين الإيغال فى المشرق والإبعاد فى المغرب سواه .
وهذه جملة من سيرة مأخودة من تواريخ يونان وفارس وأما روايات