بالغناء القديم والحديث فامتحنه بصوت من غنائها من صنعتها فكاد يجوز عليه لولا أنه أطال الفكر والتلوم واستثبت مع علمه بالمذاهب في الصنعة وتقدمه في معرفة النغم وعللها والإيقاعات ومجاريها .
وأخبرنا بذلك يحيى بن علي بن يحيى قال حدثني أبي عن إسحاق .
فأما السبب الذي كان من أجله يعاديها الهشامي فأخبرني به يحيى بن محمد بن عبد الله بن طاهر قال ذكر لأبي أحمد عبيد الله بن عبد الله بن طاهر عمي أن الهشامي زعم أن أحسن صوت صنعته عريب .
( صَاحِ قد لمتَ ظالما ... ) .
وأن غناءها بمنزلة قول ابي دلف في خالد .
( يا عينُ بَكى خالِداً ... أَلْفا ويُدْعَى واحدَا ) .
فقال ليس الأمر كما ذكر ولعريب صنعة فاضلة متقدمة وإنما قال هذا فيها ظلما وحسدا وغمطها ما تستحقه من التفضيل بخبر لها معه طريف فسألناه عنه فقال أخرجت الهشامي معي إلى سر من رأى بعد وفاة أخي يعني أبا محمد بن عبد الله بن طاهر فأدخلته على المعتز وهو يشرب وعريب تغني فقال له يا بن هشام غن فقال تبت من الغناء مذ قتل سيدي المتوكل فقالت له عريب قد والله أحسنت حيث تبت فإن غناءك كان قليل المعنى لا متقن ولا صحيح ولا مطرب فأضحكت أهل المجلس جميعا منه فخجل فكان بعد ذلك يبسط لسانه فيها ويعيب