فكتب خالد إلى واليه بالكوفة يأمره بأخذ الكميت وحبسه وقال لأصحابه إنه بلغني أن هذا يمدح بني هاشم ويهجو بني أمية فأتوني من شعره هذا بشيء فأتي بقصيدته اللامية التي أولها .
( أَلاَ هَلْ عَمٍ في رَأْيِهِ مُتأمِّلُ ... وهل مُدْبِرٌ بعد الإِساءةِ مُقْبِلُ ! ) .
فكتبها وأدرجها في كتاب إلى هشام يقول هذا شعر الكميت فإن كان قد صدق في هذا فقد صدق في ذاك .
فلما قرئت على هشام اغتاظ فلما قال .
( فيا ساسةً هاتوا لنا مِنْ جوابكم ... ففيكم لعَمْري ذُو أفانين مِقْوَلُ ) .
اشتد غيظه فكتب إلى خالد يأمره أن يقطع يدي الكميت ورجليه ويضرب عنقه ويهدم داره ويصلبه على ترابها .
فلما قرأ خالد الكتاب كره أن يستفسد عشيرته وأعلن الأمر رجاء أن يتخلص الكميت فقال لقد كتب إلي أمير المؤمنين وإني لأكره أن أستفسد عشيرته وسماه فعرف عبد الرحمن بن عنبسة بن سعيد ما أراد فأخرج غلاما له مولدا ظريفا فأعطاه بغلة له شقراء فارهة من بغال الخليفة وقال إن أنت وردت الكوفة فأنذرت الكميت لعله أن يتخلص من الحبس فأنت حر لوجه الله والبغلة لك ولك علي بعد ذلك إكرامك والإحسان إليك .
فركب البغلة وسار بقية يومه وليلته من واسط إلى الكوفة فصبحها فدخل الحبس متنكرا فخبر الكميت بالقصة فأرسل إلى امرأته وهي ابنة عمه يأمرها أن تجيئه ومعها ثياب من لباسها وخفان ففعلت فقال ألبسيني لبسة النساء