برأسه ووضع بين يديه مكث ينظر إليه طويلا ثم قال كم من سر أودعته في هذا الرأس فلم يخرج حتى أتيت به مقطوعا .
فلما كان يوم الزاوية خرج أبو جلدة بين الصفين ثم أقبل على أهل الكوفة فأنشدهم قصيدته التي يقول فيها .
( فقُلْ للحَوَارِيّات يبكين غيرَنا ... ولا تَبْكِنا إِلاَّ الكِلاَبُ النوابحُ ) .
( بَكَيْنَ إلينا خَشْيةً أن تُبِيحَها ... رِماحُ النَّصارَى والسيوفُ الجوارح ) .
( بكينَ لكيما يمنَعوهنّ منهمُ ... وتأبَى قلوبٌ أضمرتْها الجوانح ) .
( ونادّيْنَنَا أينَ الفِرَارُ وكنتمُ ... تَغَارُونَ أن تبدُو البُرَى والوشائحُ ) .
( أأسلمتمونا للعَدُوِّ على القَنَا ... إذا أنْتُزِعتْ منها القُرونُ النواطحُ ) .
( فما غار منكم غائرٌ لحليلةٍ ... ولا عَزَبٌ عَزّتْ عليه المَنَاكِحُ ) .
قال فلما أنشدهم هذه الأبيات أنفوا وثاروا فشدوا شدة تضعضع لهم عسكر الحجاج وثبت لهم الحجاج وصاح بأهل الشأم فتراجعوا وثبتوا فكانت الدائرة له فجعل يقتل الناس بقية يومه حتى صاح به رجل والله يا حجاج لئن كنا قد أسأنا في الذنب لما أحسنت في العفو ولقد خالفت الله فينا وما أطعته .
فقال له وكيف ويلك قال لأن الله تعالى يقول ( فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما