فجعل ينتخب ناساً من أهل البصرة والكوفة وكان الذي بين عبيد الله وبين سلم شيئاً فأرسل سلم إلى أنس يعرض عليه صحبته وجعل له أن يستعمله على كورة فقال له أنس أمهلني حتى أنظر في أمري وكتب إلى عبيد الله بن زياد .
( ألم تَرَنِي خُيِّرْتُ والأمرُ واقعٌ ... فما كنت لما قلت بالمُتخيِّرِ ) .
( رِضاك على شيءٍ سواهُ ومن يكن ... إذا اختار ذا حرمٍ من الأمر يَظْفَر ) .
( فعُدْت لترضَى عن جهادٍ وصاحبٍ ... شفِيقٍ قَدِيمِ الوُدِّ كان موقَّرِّي ) .
( على أحد الثَّغرينِ ثم تركتَه ... وقد كنتَ في تأميره غير مُمْتَرِي ) .
( فأمسكتُ عن سَلْمِ عِنَانِي وصُحبتي ... ليعرفَ وجه العُذرِ قبل التعذر ) .
( فإن كنتَ لمَّا تَدْرِ ما هي شيمتي ... فسلْ بيَ أكفَائي وسَل ربِيَ معشَرِي ) .
( ألستُ مع الإحسانِ والجُودِ ذا غِنىً ... وبأسٍ إذا ما كُفِّروا في التَّسَتُّر ) .
( ورأي وقد أعصى الهوى خشيةَ الرَّدَى ... وأعرفُ غِبَّ الأمرِ قبلَ التَّدبّر ) .
( وما كنتُ لولا ذاك ترتدُّ بُغيتي ... عليَّ ارتدادَ المُظلِم المُتَجَبِّر ) .
قال ودفعها إلى عبيد الله بن زياد في صحيفة فقرأها ثم دفعها إلى حارثة بن بدر وقال له اردد على أنس صحيفته فلا حاجة لنا فيها فقال حارثة .
( أَلِكْني إلى مَنْ قال هذا وقُلْ له ... كذبتَ فما إنْ أنت بالمتخيَّرِ ) .
( وإنك لو صاحبتَ سَلْماً وجدتَه ... كعهدك عَهْدِ السَّوءِ لَمْ يَتَغَيَّرِ ) .
( أتنصحُ لي يوماً ولستَ بناصحٍ ... لنفسكَ فَاغْشُشْ ما بدا لك أو ذَر ) .
( كذبتَ ولكنْ أنت رَهْنٌ بِخزْيَةٍ ... ويوْمٍ كأيَّامٍ عبُوس مُذَكَّر )