( وأصبح عندي من وَثِقتُ بغَيْبه ... بَغِيضَ الأيادِي كلُّ إحسانه نَكْدُ ) .
ولحنه خفيف رمل بالوسطى فغناه على ما أخذه من إبراهيم بن المهدي وقد غيره .
فقال الواثق لإسحاق أتعرف هذا اللحن فقال نعم هذا لحن أبي ولكنه مما زعم إبراهيم بن المهدي أنه جندره وأصلحه فأفسده ودمر عليه فقال له غنه أنت فغناه فأتى به على حقيقته واستحسنه الواثق جدا فغم ذلك عمرو بن بانة فقال لإسحاق أفأنت مثل إبراهيم بن المهدي حتى تقول هذا فيه قال لا والله ما أنا مثله أما على الحقيقة فأنا عبده وعبد أبيه وليس هذا مما نحن فيه وأما الغناء فما دخولك أنت بيننا فيه ما أحسنت قط أن تأخذ فضلا عن أن تغني ولا قمت بأداء غناء فضلا عن أن تميز بين المحسنين وإلا فغن أي صوت شئت مما أخذته عنه وعن غيره كائنا من كان فإن لم أوضح لك ولمن حضر أنه لا يسلم لك صوت من نقصان أجزاء وفساد صنعة فدمي به رهن فأساء عمرو الجواب وأغلظ في القول فأمضه الواثق وشتمه وأمر بإقامته عن مجلسه فأقيم .
فلما كان من الغد دخل إسحاق على الواثق فأنشده .
( ومجلسٍ باكرتُه بُكورا ... والطيرُ ما فارقتِ الوُكُورا ) .
( والصبحُ لم يِستنطقِ العُصفورا ... على غَديرٍ لم يكن دُعْثُورا ) .
( لم تَرَ عيني مثلَه غَديرا ... يجري حَبَابُ مائة مَسْجُورا ) .
( على حصًى تَحْسَبُه كافورا ... تسمع للماء به خَريرا ) .
( يَنْسِجُ أعلَى مَتْنِه سطورا ... نسيمُ ريحٍ قد وَنَتْ فُتورا ) .
( حتى تخالَ متَنه حَصيرا ... والشَّربُ قد حَفُّوا به حُضورا ) .
( وأمروا الساقيَ أن يُديرا ... كأسَهمُ الأصغرَ والكبيرا )