فوجده باطلا فشتم زهيرا وطرده فانصرف إلى بلاد قومه وقدم رزاح أبو الغلامين إلى الملك وكان شيخا عالما مجربا فأكرمه الملك وأعطاه دية ابنيه وبلغ زهيرا مكانه فدعا ابنا له يقال له عامر وكان من فتيان العرب لسانا وبيانا فقال له إن رزاحا قد قدم على الملك فالحق به واحتل في أن تكفينيه وقال له اذممني عند الملك ونل مني وأثر به آثارا فخرج الغلام حتى قدم الشأم فتلطف للدخول على الملك حتى وصل إليه فأعجبه ما رأى منه فقال له من أنت قال أنا عامر بن زهير بن جناب قال فلا حياك الله ولا حيا أباك الغادر الكذوب الساعي فقال الغلام نعم فلا حياه الله أنظر أيها الملك ما صنع بظهري وأراه آثار الضرب فقبل ذلك منه وأدخله في ندمائه فبينا هو يحدثه يوما إذ قال له أيها الملك إن أبي وإن كان مسيئا فلست أدع أن أقول الحق قد والله نصحك أبي ثم أنشأ يقول .
( فيا لكِ نَصْحةً لمّا نَذُقْها ... أراها نصحةً ذهبت ضلالا ) .
ثم تركه أياما وقال له بعد ذلك أيها الملك ما تقول في حية قد قطع ذنبها وبقي رأسها قال ذاك أبوك وصنيعه بالرجلين ما صنع قال أبيت اللعن والله ما قدم رزاح إلا ليثأر بهما فقال له وما آية ذلك قال اسقه الخمر ثم ابعث إليه عينا يأتك بخبره فلما انتشى صرفه إلى قبته ومعه بنت له وبعث عليه عيونا فلما دخل قبته قامت إليه ابنته تسانده فقال .
( دَعِيني من سِنادِكِ إنّ حَزْناً ... وسَهْلاً ليس بعدهما رُقودُ ) .
( أَلا تَسَلِين عن شِبْلَيّ ماذا ... أصابهما إذا اهْتَرش الأُسُودُ ) .
( فإنّي لو ثأرتُ المرءَ حَزْناً ... وسَهْلاً قد بدا لكِ ما أُريد ) .
فرجع القوم إلى الملك فأخبروه بما سمعوا فأمر بقتل النهدي رزاح ورد زهيرا إلى موضعه