لحى الله حرباً لم يكن قلب جيشها ... ومجلس عدل لا يكون به صدرا .
وقال : أنشد الصاحب صفي الدين بحضوري هذه الأبيات : من الخفيف .
قمت ليل الصدود إلا قليلا ... ثم رتلت ذكركم ترتيلا .
ووصلت السهاد أقبح وصل ... وهجرت الرقاد هجراً جميلا .
مسمع كل من كلام عذولي ... حين ألقى عليه قولاً ثقيلا .
وفؤاد قد كان بين ضلوعي ... أخذته الأحداق أخذاً وبيلا .
قل لرامي الجفون أن لعيني ... في بحار الدموع سبحاً طويلا .
ماس عجباً عن كأنه ما رآني ... غصناً طليحاً ولا كثيباً مهيلا .
وحمى عن محبه كاس ثغر ... حين أضحى مزاجها زنجبيلا .
بان عني فصحت في أثر العي ... س : ارحموني ومهلوهم قليلا .
أنا عبد للصاحب ابن علي ... قد تبتلت للثنا تبتيلا .
لا تسمه وعداً نبيل نوال ... إنه كان وعده مفعولا .
راع أعداءه بصفر اليراعا ... ت فأنسى صريرهن الصهيلا .
وإذا كان خصمك الدهر والحك ... م إلى الله فاتخذه وكيلا .
إن مدحي له أشد وطآء ... وقرضي أقوى وأقوم قيلا .
جل عن سائر البرية قدراً ... فاخترعنا لمدحه التنزيلا .
قلت : ومن شعره : من البسيط .
باكر صبوحك أهنى العيش باكره ... فقد ترنم فوق الأيك طائره .
والليل تجري الدراري في مجرته ... كالروض تطفو على نهر أزاهره .
وكوكب الصبح نجاب على يده ... مخلق تملأ الدنيا بشائره .
فانهض إلى ذوب ياقوت لها حبب ... تنوب عن ثغر من تهوى جواهره .
جمراء في وجنة الساقي لها شبه ... فهل جناها مع العنقود عاصره ؟ .
ساق تكون من صبح ومن غسق ... فابيض خداه واسودت غدائره .
مفلج الثغر معسول اللمى غنج ... مؤنث الجفن فحل اللحظ شاطره .
مهفهف القد يندى جسمه ترفاً ... مخصر الخصر عبل الردف وافره .
بيض سوالفه لعس مراشفه ... نعس نواظره خرس أساوره .
تعلمت بانة الوادي شمائله ... وزورت سحر عينيه جآذره .
كأنه بسواد الصدغ مكتحل ... وركبت فوق خديه محاجره .
نبي حسن أظلتنا ذوائبه ... فقام في فترة الأجفان ناظره .
فلو رأت مقلتا هاروت آيته ال ... كبرى لآمن بعد الكفر ساحره .
قامت أدلة صدغيه لعاشقه ... على عذول أتى فيه يناظره .
خذ من زمانك ما أعطاك مغتنماً ... وأنت ناه لهذا الدهر آمره .
فالعمر كالكأس تستحلى أوائله ... لكنه ربما مجت أواخره .
ومنه من قصيدة : من الطويل .
وفي الكلة الحمراء بيضاء طفلة ... بزرق عيون السمر يحمى احورارها .
أثار لها نقع الجياد سرادقاً ... به دون ستر الخدر عنا استتارها .
لها طلعة من شعرها وجبينها ... تعانق فيها ليلها ونهارها .
لها من مهاة الرمل جيد ومقلة ... وليس لها استيحاشها ونفارها .
وما سكنت وادي العقيق ولا الغضا ... ولكن بعيني أو بقلبي دارها .
إذا ما الثريا والهلال تقارنا ... أشكك هل ذا قرطها وسوارها .
فأي قضيب جال فيه وشاحها ... وأي كثيب ضاق عنه إزارها .
وما كنت أدري قبل لؤلؤ ثغرها ... بأن نفيسات اللآلي صغارها .
هي البدر إلا أن عندي محاقه ... هي الخمر إلا أن حظي خمارها .
أيا كعبة من خالها حجر لها ... بعيد علينا حجها واعتمارها .
فإن بلغتها النفس يوماً بشقها ... فقلبي لها هدي ودمعي جمارها .
ومنه : من الكامل .
طاب الصبوح لنا فهاك وهات ... واشرب هنيئاً يا أخا اللذات .
كم ذا التواني والشباب مطاوع ... والدهر سمح والحبيب مواتي