بدا مثل عرق السام واسترجعت له ... صروف الليالي قرصه وهو مقمر .
إلى أن رأيناه ابن سبع كأنما ... على الأفق منه طيلسان مقور .
ومنه : من الطويل .
وصفراء من ماء الكروم كأنما ... دجى الليل منها في رداء معصفر .
كأن حباب الماء في وجناتها ... من الدر تكليل على تاج معصر .
قطعت بها ليلاً كأن نجومه ... إذا اعترضتها العين نيران عسكر .
تراها بآفاق السماء كأنما ... مطالعها منها معادن جوهر .
ومنطقة الجوزاء تبدو كأنما ... وسائط در في قلادة عنبر .
وباتت بعيني الثريا كأنما ... على الأفق منها غصن ورد منور .
فبت أراعي الفجر حتى تشمرت ... ديول الدجى عن مائة المتفجر .
ومنه في الهلال : من الطويل .
بدا مستدق الجانبين كأنه ... على الأفق الغربي مخلب طائر .
ولاح لمسرى ليلتين كأنما ... تفرق منه الغيم عن أثر حافر .
وفيه أيضاً : من الطويل .
إذا استثبتته العين لاح كأنه ... على هامة من جنحه خط مفرق .
وشمر عنه الغيم ذيلاً كأنما ... تكشف منه عن جناح محلق .
ومنه في روضة : من الطويل .
وحالية لا يكتم الليل ضوءها ... إذا أزهرت صلت لها الأنجم الزهر .
يفرق منها النشر ما ألف الثرى ... ويضحك منها الشمس ما استدمع القطر .
ابن حريق البلنسي علي بن محمد بن أحمد بن سلمة بن حريق أبو الحسن المخزومي البلنسي شاعر بلنسية . كان متبحراً في اللغة والأدب حافظاً لأشعار العرب وأيامها . اعترف له بالسبق بلغاء وقته وله مقصورة كالدريدية . قال ابن الآبار : سمعتها منه وتوفي سنة اثنتين وعشرين وست مائة . ومدح ملوك الأندلس وأخذ صلاتهم وتصرف في أعمال الديوان ومن شعره في غلام أعور : من الخفيف .
لم يشنك الذي بعينيك عندي ... أنت أعلى من أن تعاب وأسى .
لطف الله رد سهمين سهماً ... رأفة بالعباد فازددت حسنا .
ومنه : من الرجز .
وكاتب ألفاظه وكتبه ... بغيضة إن خط أو تكلما .
ترى أناساً يتمنون العمى ... وآخرين يحمدون الصمما .
ومنه وقد زاره حبيبه فجاء مطر وسيل منعه من العود : من مخلع البسيط .
يا ليلة جادت الأماني ... فيها على رغم أنف دهري .
للقطر فيها علي نعمى ... يقصر عنها طويل شكري .
إذا بات في منزلي حبيبي ... وقام في أهله بعذري .
فبت لا حالة كحالي ... ضجيع بدر صريع سكر .
يا ليلة السيل في الليالي ... لأنت خير من ألف شهر .
ومن شعره ما أورده ابن مسدي في معجمه : من الكامل .
يا صاحبي وما البخيل بصاحبي ... هذي الخيام فأين تلك الأدمع .
أنمر بالعرصات لا نبكي بها ... وهي المعاهد منهم والأربع .
يا سعد ما هذا القيام وقد نأوا ... أتقيم من بعد القلوب الأضلع .
هيهات لا ريح اللواعج بعدهم ... رهو ولا طير الصبابة وقع .
جاروا على قلبي بسحر جفونهم ... لا زال يشعبه الأسى ويصدع .
وأبى الهوى إلا الحلول بلعلع ... ويح المطايا أين منها لعلع .
لم أدر أين ثوروا فلم أسأل بهم ... ريحاً تهب ولا بريقاً يلمع .
وكأنهم في كل مدرج ناسم ... فعليه مني رقة وتضوع .
فإذا منحتهم السلام تبادرت ... تبليغه عني الرياح الأربع .
شرف الدين اليونيني الحنبلي