والظاهر أن الانبياء هبطوا معه تكريما له وتعظيما عند رجوعه من الحضرة الآلهية العظيمة كما هي عادة الوافدين لا يجتمعون بأحد قبل الذي طلبوا اليه ولهذا كان كلما مر على واحد منهم يقول له جبريل عندما يتقدم ذاك للسلام عليه هذا فلان فسلم عليه فلو كان قد اجتمع بهم قبل صعوده لما احتاج إلى تعرف بهم مرة ثانية ومما يدل على ذلك أنه قال فلما حانت الصلاة أممتهم ولم يحن وقت إذ ذاك إلا صلاة الفجر فتقدمهم إماما بهم عن أمر جبريل فيما يرويه عن ربه D فاستفاد بعضهم من هذا أن الامام الاعظم يقدم في الامامة على رب المنزل حيث كان بيت المقدس محلتهم ودار اقامتهم ثم خرج منه فركب البراق وعاد إلى مكة فأصبح بها وهو في غاية الثبات والسكينة والوقار وقد عاين في تلك الليلة من الآيات والامور التي لو رآها أو بعضها غيره لاصبح مندهشا أو طائش العقل ولكنه A أصبح واجما أي ساكنا يخشى إن بدأ فأخبر قومه بما رأى أن يبادروا الى تكذيبه فتلطف باخبارهم أولا بانه جاء بيت المقدس في تلك الليلة وذلك أن أبا جهل لعنه الله رأى رسول الله A في المسجد الحرام وهو جالس واجم فقال له هل من خبر فقال نعم فقال ما هو فقال اني اسري بي الليلة الى بيت المقدس قال الى بيت المقدس قال نعم قال أرأيت إن دعوت قومك لك لتخبرهم اتخبرهم بما اخبرتني به قال نعم فاراد أبو جهل جمع قريش ليسمعوا منه ذلك وأراد رسول الله A جمعهم ليخبرهم ذلك ويبلغهم فقال أبو جهل هيا معشر قريش وقد اجتمعوا من أنديتهم فقال أخبر قومك بما أخبرتني به فقص عليهم رسول الله A خبر ما رأى وأنه جاء بيت المقدس هذه الليلة وصلى فيه فمن بين مصفق وبين مصفر تكذيبا له واستبعادا لخبره وطار الخبر بمكة وجاء الناس الى أبي بكر Bه فأخبروه أن محمدا A يقول كذا وكذا فقال انكم تكذبون عليه فقالوا والله إنه ليقوله فقال ان كان قاله فلقد صدق ثم جاء الى رسول الله A وحوله مشركي قريش فسأله عن ذلك فاخبره فاستعلمه عن صفات بيت المقدس ليسمع المشركون ويعلموا صدقه فيما أخبرهم به وفي الصحيح أن المشركين هم الذين سألوا رسول الله A عن ذلك قال فجعلت أخبرهم عن آياته فالتبس علي بعض الشيء فجلى الله لي بيت المقدس حتى جعلت أنظر اليه دون دار عقيل وأنعته لهم فقال أما الصفة فقد أصاب .
وذكر ابن اسحاق ما تقدم من إخباره لهم بمروره بعيرهم وما كان من شربه مائهم فأقام الله عليهم الحجة واستنارت لهم المحجة فآمن من آمن على يقين من ربه وكفر من كفر بعد قيام الحجة عليه كما قال الله تعالى وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس أي اختبارا لهم وامتحانا .
قال ابن عباس هي رؤيا عين اريها رسول الله A وهذا مذهب جمهور السلف والخلف من أن الاسراء كان ببدنه وروحه صلوات الله وسلامه عليه كما دل على ذلك ظاهرالسياقات من ركوبه