خرج يوم الجمعة في ثياب دسمة ورآءه حبشي يمشي فلما انتهى إلى الناس رجع الحبشي فكان عمر إذا انتهى إلى الرجلين قال هكذا رحمكما الله حتى صعد المنبر فخطب فقرأ إذا الشمس كورت فقال وما شأن الشمس وإذا الجحيم سعرت وإذا الجنة أزلفت فبكى وبكى أهل المسجد وارتج المسجد بالبكاء حتى رأيت حيطان المسجد تبكي معه ودخل عليه أعرابي فقال يا أمير المؤمنين جاءت بي إليك الحاجة وانتهيت إلى الغاية والله سائلك عني فبكى عمر وقال له كم أنتم فقال أنا وثلاث بنات ففرض له على ثلاثمائة وفرض لبناته مائة مائة وأعطاه مائة درهم من ماله وقال له اذهب فاستنفقها حتى تخرج أعطيات المسلمين فتأخذ معهم .
وجاءه رجل من أهل أذربيجان فقام بين يديه وقال يا أمير المؤمنين اذكر بمقامي هذا بين يديك مقامك عدا بين يدي الله حيث لا يشغل الله عنك فيه كثرة من يخاصم من الخلائق من يوم بلقاه بلا ثقة من العمل ولا براءة من الذنب قال فبكى عمر بكاءا شديدا ثم قال له ما حاجتك فقال إن عاملك بأذربيجان عدا على فأخذ مني اثنى عشر ألف درهم فجعلها في بيت المال فقال عمر اكتبوا له الساعة إلى عاملها فليرد عليه ثم أرسله مع البريد وعن زياد مولى ابن عياش قال دخلت على عمر بن عبد العزيز في ليلة باردة شاتية فجعلت أصطلي على كانون هناك فجاء عمر وهو أمير المؤمنين فجعل يصطلي معي على ذلك الكانون فقال لي يا زيادظ قلت نعم يا أمير المؤمنين .
قال قص علي قلت ما أنا بقاص فقال تكلم فقلت زياد فقال ماله فقلت لا ينفعه من دخل الجنة إذا دخل النار ولا يضره من دخل النار إذا دخل الجنة فقال صدقت ثم بكى حتى أطفأ الجمر الذي في الكانون وقال له زياد العبدي يا أمير المؤمنين لا تعمل نفسك في الوصف واعملها في المخرج مما وقعت فيه فلو أن كل شعرة فيك نطقت بحمد الله وشكره والثناء عليه ما بلغت كنه ما أنت فيه ثم قال له زياد يا أمير المؤمنين أخبرني عن رجل له خصم ألد ما حاله قال سيء الحال قال فإن كانا خصمين ألدين قال فهو اسوأ حالا قال فإن كانوا ثلاثة قال ذاك حيث لا يهنئه عيش قال فو الله يا أمير المؤمنين ما أحد من أمةمحمد ( ص ) إلا وهو خصمك قال فبكى عمر حتى تمنيت أني لم أكن حدثته ذلك وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن أرطاة وأهل البصرة أما بعد فإن من الناس من شاب في هذا الشراب ويغشون عنده أمورا انتهكوها عند ذهاب عقولهم وسفه أحلامهم فسفكوا له الدم الحرام وارتكبوا فيه الفروج الحرام والمال الحرام وقد جعل الله عن ذلك مندوحة من أشربة حلال فمن انتبذ فلا ينتبذ إلا من أسقية الأدم واستغنوا بما أحل الله عما حرم فإنا من وجدناه شرب شيئا مما حرم الله بعد ما تقدمنا إليه جعلنا له عقوبة شديدة