لأنفسنا وأمرنا ورضينا كلنا بك فلما هدأت أصواتهم حمد الله وأثنى عليه وقال أوصيكم بتقوى الله فإن تقوى الله خلف من كل شيء وليس من تقوى الله خلف وأكثروا من ذكر الموت فإنه هادم اللذات وأحسنوا الاستعداد له قبل نزوله وإن هذه الأمة لم تختلف في ربها ولا في كتابها ولا في نبيها وإنما اختلفوا في الدينار والدرهم وإني والله لا أعطي أحدا باطلا ولا أمنع أحدا حقا ثم رفع صوته فقال أيها الناس من أطاع الله وجبت طاعته ومن عصى الله فلا طاعة له أطيعوني ما أطعت الله فإذا عصيت الله فلا طاعة لي عليكم ثم نزل فدخل فأمر بالستور فهتكت والثياب التي كانت تبسط للخلفاء أمر بها فبيعت وأدخل أثمانها في بيت المال ثم ذهب يتبوأ مقيلا فأتاه ابنه عبد الملك فقال يا أمير المؤمنين ماذا تريد أن تصنع قال يا بني أقيل قال تقيل ولا ترد المظالم إلى أهلها فقال إني سهرت البارحة في أمر سليمان فإذا صليت الظهر رددت المظالم فقال له ابنه ومن لك أن تعيش إلى الظهر قال ادن مني أى بنى فدنا منه فقبل بين عينيه وقال الحمد لله الذي أخرج من صلبي من يعينني على ديني ثم قام وخرج وترك القائلة وأمر مناديه فنادى ألا من كانت له مظلمة فليرفعها فقام إليه رجل ذمي من أهل حمص فقال يا أمير المؤمنين أسألك كتاب الله قال ما ذااك قال العباس بن الوليد بن عبد الملك اغتصبني أرضي والعباس جالس فقال له عمر يا عباس ما تقول قال نعم أقطعنيها أمير المؤمنين الوليد وكتب لي بها سجلا فقال عمر ما تقول يا ذمي قال يا أمير المؤمنين أسألك كتاب الله تعالى فقال عمر نعم كتاب الله أحق أن يتبع من كتاب الوليد قم فاردد عليه ضيعته فردها عليه ثم تتابع الناس في رفع المظالم إليه فما رفعت إليه مظلمة إلا ردها سواء كانت في يده أو في يد غيره حتى أخذ أموال بنى مروان وغيرهم مما كان في أيديهم بغير استحقاق فاستغاث بنومروان بكل واحد من أعيان الناس فلم يفدهم ذلك شيئا فأتوا عمتهم فاطمة بنت مروان وكانت عمته فشكوا إليها ما لقوا من عمر وأنه قد أخذ أموالهم ويستنقصون عنده وأنه لا يرفع بهم رأسا وكانت هذه المرأة لا تحجب عن الخلافة الخلفاء و لا ترد لها حاجة وكانوا يكرمونها ويعقمونها وكذلك كان عمر يفعل معها قبل الخلافة وقامت فركبت إليه فلما دخلت عليه عظمها وأكرمها لأنها أخت أبيه وألقى لها وسادة وشرع يحادثها فرآها غضبى وهي على غير العادة فقال لها عمر يا عمة مالك فقالت بنو أخي عبد الملك وأولادهم يهانون في زمانك وولايتك وتأخذ أموالهم فتعطيها لغيرهم ويسبون عندك فلا تنكر فضحك عمر وعلم أنها متحملة وأن عقها قد كبر ثم شرع يحادثها والغضب لا يتحيز عنها فلما رأى ذلك أخذ معها في الجد فقال يا عمه اعلمي أن النبي ( ص )