العباس من عنده وبعث إليهم الجزر والغنم والدقيق وقد كان عندهم حاجة شديدة إلى ذلك وجوع كثير فجعلوا يذبحون ويطبخون ويختبزون ويأكلون على ذلك الماء فلما كان الليل بيتهم عباس بن سهل فقتل أميرهم وطائفة منهم نحوا من سبعين واسر منهم خلقا كثيرا فقتل أكثرهم ورجع القليل منهم إلى المختار وإلى بلادهم خائبين .
قال أبو مخنف فحدثنى يوسف أن عباس بن سهل انتهى إليهم وهو يقول ... أنا ابن سهل فارس غير وكل ... أروع مقدام إذا الكبش نكل ... وأعتلى رأس الطرماح البطل ... بالسيف يوم الروع حتى ينجدل ... .
فلما بلغ خبرهم المختار قام فى أصحابه خطيبا فقال إن الفجار الأشرار قتلوا الأبرار الأخيار إلا إنه كان أمرا مأتيا وقضاء مقضيا ثم كتب إلى محمد بن الحنفية مع صالح بن مسعود الخثعمى كتابا يذكر فيه أنه بعث إلى المدينة جيشا لنصرته فغدر بهم جيش ابن الزبير فان رأيت أن أبعث جيشا آخر إلى المدينة وتبعث من قبلك رسلا إليهم فافعل فكتب إليه ابن الحنفية أما بعد فان أحب الأمور كلها إلى ما أطيع الله فيه فأطع الله فيما أسررت واعلنت واعلم أنى لو أردت القتال لوجدت الناس إلى سراعا والأعوان لى كثيرة ولكنى أعتزلهم وأصبر حتى يحكم الله لى وهو خير الحاكمين وقال لصالح بن مسعود قل للمختار فليتق الله وليكف عن الدماء فلما انتهى إليه كتاب محمد بن الحنفية قال إنى قد أمرت بجمع البر واليسر وبطرح الكفر والغدر .
وذكر ابن جرير من طريق المدائنى وأبى مخنف أن ابن الزبير عمد إلى ابن الحنفية وسبعة عشر رجلا من أشراف اهل الكوفة فحبسهم حتى يبايعوه فكرهوا أن يبايعوا إلا من اجتمعت عليه الأمة فتهددهم وتوعدهم واعتقلهم بزمزم فكتبوا إلى المختار بن أبى عبيد يستصرخونه ويستنصرونه ويقولون له إن ابن الزبير قد توعدنا بالقتل والحريق فلا تخذلونا كما خذلتم الحسين وأهل بيته فجمع المختار الشيعة وقرأ عليهم الكتاب وقال هذا صريخ أهل البيت يستصرخكم ويستنصركم فقام فى الناس بذلك وقال لست انا بأبى إسحاق إن لم أنصركم نصرا مؤزرا وإن لم أرسل إليهم الخيل كالسيل يتلوه السيل حتى يحل بابن الكاهلية الويل ثم وجه أبا عبد الله الجدلى فى سبعين راكبا من أهل القوة وظبيان بن عمر التيمى فى أربعمائة وأبا المعتمر فى مائة وهانىء بن قيس فى مائة وعمير بن طارق فى أربعين وكتب إلى محمد بن الحنفية مع الطفيل بن عامر بتوجيه الجنود إليه فنزل أبو عبد الله الجدلى بذات عرق حتى تلاحق به نحو من مائة وخمسين فارسا ثم سار بهم حتى دخل المسجد الحرام نهارا جهارا وهم يقولون يا ثارات الحسين وقد أعد ابن الزبير الحطب لابن الحنفية وأصحابه ليحرقهم به إن لم يبايعوه وقد بقى من الأجل يومان فعمدوا يعنى أصحاب