بعده وبشرناه باسحق نبيا من الصالحين ومن جعله حالا فقد تكلف ومستنده أنه اسحق إنما هو اسرائيليات وكتابهم فيه تحريف ولا سيما ههنا قطعا لا محيد عنه فإن عندهم أن الله أمر إبراهيم أن يذبح ابنه وحيده وفي نسخة من المعربة بكره اسحق فلفظه اسحق ههنا مقحمة مكذوبة مفتراة لأنه ليس هو الوحيد ولا البكر ذاك اسمعيل وإنما حملهم على هذا حسد العرب فإن اسمعيل أبو العرب الذين يسكنون الحجاز الذين منهم رسول الله A واسحق والد يعقوب وهو إسرائيل الذين ينتسبون إليه فأرادوا أن يجروا هذا الشرف إليهم فحرفوا كلام الله وزادوا فيه وهم قوم بهت ولم يقروا بأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء وقد قال بأنه اسحق طائفة كثيرة من السلف وغيرهم وإنما أخذوه والله أعلم من كعب الأحبار أو صحف أهل الكتاب وليس في ذلك حديث صحيح عن المعصوم حتى نترك لأجله ظاهر الكتاب العزيز ولا يفهم هذا من القرآن بل المفهوم بل المنطوق بل النص عند التأمل على أنه اسمعيل وما أحسن ما استدل محمد بن كعب القرظي على أنه اسمعيل وليس باسحق من قوله فبشرناها بإسحاق ومن وراء اسحق يعقوب قال فكيف تقع البشارة باسحق وأنه سيولد له يعقوب ثم يؤمر بذبح اسحق وهو صغير قبل أن يولد له هذا لا يكون لأنه يناقض البشارة المتقدمة والله أعلم .
وقد اعترض السهيلي على هذا الاستدلال بما حاصله أن قوله فبشرناها بإسحاق جملة تامة وقوله ومن وراء إسحاق يعقوب جملة أخرى ليست في حيز البشارة قال لأنه لا يجوز من حيث العربية أني كون مخفوضا إلا أن يعاد معه حرف الجر فلا يجوز أن يقال مررت بزيد ومن بعده عمرو حتى يقال ومن بعده بعمر وقال فقوله ومن وراء إسحق يعقوب منصوب بفعل مضمر تقديره ووهبنا لاسحق يعقوب وفي هذا الذي قاله نظر ورجح أنه إسحاق واحتج بقوله فلما بلغ معه السعي قال واسماعيل لم يكن عنده إنما كان في حال صغره هو وأمه بحيال مكة فكيف يبلغ معه السعي وهذا أيضا فيه نظر لأنه قد روى أن الخليل كان يذهب في كثير من الأوقات راكبا البراق إلى مكة يطلع على ولده وابنه ثم يرجع والله أعلم فمن حكى القول عنه بأنه اسحق كعب الأحبار وروى عن عمر والعباس وعلي وابن مسعود ومسروق وعكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد وعطاء والشعبي ومقاتل وعبيد بن عمر وأبي ميسرة وزيد بن أسلم وعبدالله بن شقيق والزهري والقاسم وابن أبي بردة ومكحول وعثمان بن حاضر والسدي والحسن وقتادة وأبي الهذيل وابن سابط وهو اختيار ابن جرير وهذا عجب منه وهو إحدى الروايتين عن ابن عباس ولكن الصحيح عنه وعن أكثر هؤلاء أنه إسماعيل عليه السلام قال مجاهد وسعيد الشعبي ويوسف بن مهران وعطاء وغير واحد عن ابن عباس هو إسماعيل عليه السلام وقال ابن جرير حدثني يونس أنبأنا ابن وهب أخبرني عمرو بن قيس عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس أنه قال المفدى اسماعيل وزعمت اليهود أنه اسحق وكذبت اليهود وقال عبدالله بن الامام أحمد