بسم الله الرحمن الرحيم متعك الله بمسامرة الفكرة ونعمك بمؤانسة العبرة وأفردك بحب الخلوة يا أبا عامر أنا رجل من إخوانك بلغني قدومك المدينة فسررت بذلك وأحببت زيارتك وبي من الشوق إلى مجالستك والإستماع إلى محادثتك مالو كان فوقي لأظلني ولو كان تحتي لأقلني فسألتك بالذي حباك بالبلاغة لما ألحفتني جناح التوصل بزيارتك والسلام .
قال أبو عامر فقمت مع الرسول حتى أتى بي إلى قباء فأدخلني منزلا رحبا خربا فقال لي قف هاهنا حتى استأذن لك فوقفت فخرج فقال لي لج فدخلت عليه فإذا ببيت مفرد في الخربة له باب من جريد النخل وإذا بكهل قاعد مستقبل القبلة تخاله من الوله مكروبا ومن الخشية محزوبا قد ظهرت في وجهه أحزانه وذهبت من البكاء عيناه ومرضت أجفانه فسلمت عليه فرد علي السلام ثم تحلل فإذا هو أعمى أعرج مسقام فقال لي يا أبا عامر غسل الله من ران الذنوب قلبك لم يزل قلبي إليك تواقا وإلى إستماع الموعظة منك مشتاقا وبي جرح نغل قد أعيا الواعظين دواؤه وأعجز المتطببين شفاؤه وقد وصف لي نفع مراهمك للجراح