فلما كان من الغد صليت الغداة وخرجت أريد الموضع فإذا شيخ على الباب قد بسط له وهو جالس فلما رآني عرفني وقال مرحبا بك يا أبا عبد الرحمن حاجتك فقلت له احتجت إلى غلام أسود .
قال نعم عندي عدة فأختر أيهم شئت فصاح يا غلام فخرج غلام جلد فقال هذا محمود العاقبة أرضاه لك فقلت ليس هذا حاجتي .
فما زال يخرج واحدا بعد واحد حتى أخرج إلى الغلام فلما بصرت به بدرت عيناي فقال هذا هو قلت نعم قال ليس إلى بيعه سبيل قلت ولم قال قد تبركت بموضعه من هذه الدار وذلك أنه لا يرزؤني شيئا قلت ومن أين طعامه وشرابه قال يكسب من فتل الشريط نصف دانق أو أقل أو أكثر فهو قوته فإن باعه في يومه وإلا طوى ذلك اليوم وأخبرني الغلمان عنه أنه لا ينام هذا الليل الطويل ولا يختلط بأحد منهم مهتم بنفسه وقد أحبه قلبي فقلت له إنصرف إلى سفيان بن عيينة وإلى فضيل بن عياض بغير قضاء حاجة فقال إن ممشاك عندي كبير خذه بما شئت .
قال فاشتريته فأخذت نحو دار فضيل بن عياض فمشيت ساعة