الأموات ما يدل على أن الموت ليس كما وصفت وأنه إنما هو كأس يسهل على إنسان ويصعب على آخر وقد رأينا من الأموات من يتحدث فيوصي ويشهد بماله وبما عليه ونفسه تخرج من قدميه إلى صدره أو إلى حلقه وهو على حاله في وصيته وإشهاده وربما ظن من رآه فجأة أنه لا بأس عليه ولا موت عنده ثم يموت كذلك وما هذه صفة من ينشر بالمناشير ويقرض بالمقاريض ويفعل به ويفعل به ولو كان كذلك لمنعه ألم النشر ووجع القرض وكرب الموت عن الكلام والإشهاد وعن الوصية بأن يدفن في موضع كذا وكذا وأن يكفن في ثوب كذا وكذا .
ولو كان كما قلت فقد رأينا من سرعة خروج بعض الأرواح ما لو كان في الميت أضعاف ما قلت من الشدة لما كان يبالي في ذلك لسرعة خروج روحه وعجلة استلابها .
نعم للموت عند الأكثر مقدمات من الآلام والأمراض والأسقام يبلغ منه المبالغ قبل الموت ثم يموت وقد تنزل تلك الأمراض والإسقام بآخر فتشرف به على اليقين وتريه المنون قبل المنون ثم تقلع عنه فلا يبقى لها أثر وكأنه ما سمع لها بخبر .
فأقول صدقت والأمر كما قلت وقد شوهد في بعض الأموات ما ذكرت وقد علم أن الموت يهون على بعض الناس ويسهل عليه وبعضهم أو أكثرهم يشدد عليه ويغص به فمن أي الفريقين أنت ممن يهون عليه أو ممن يصعب عليه فلا بد لك من أن تشرب بأحد الكأسين وترمى بأحد السهمين لا بد لك من ذلك فما الذي يؤمنك أن تطعم أضره وتسقى أمره وتصلى أشقه وأحره ما الذي أمنك من هذا وكيفما كان فالموت شربه كريه وكأس مرة حتى إن الإنسان لو عرض عليه مقعده من الجنة وقيل له تموت ثم تصير إليه ربما انقبض عن ذلك وان جمع عندما يذكر له الموت .
كما روى عن سهل بن عبد الله التستري C أن وليا من أولياء الله D تبدي له ملك الموت فأخبره برضا الله D عنه وبشره بالجنة وأنه يموت في وقت قريب حده له