منبه C فقرأه فإذا فيه يا ابن آدم لو رأيت قرب ما بقي من أجلك لزهدت في طول أملك ولرغبت في الزيادة من عملك ولقصرت من حرصك وحيلك وإنما يلقاك ندمك لو قد زلت بك قدمك وأسلمك أهلك وحشمك ففارقك الولد والقريب ورفضك الوالد والنسيب .
فلا أنت لدنياك عائد ولا في حسناتك زائد فاعمل ليوم القيامة يوم الحسرة والندامة .
وقال الحسن البصري C كان آدم عليه السلام قبل أن يخطيء الخطيئة أمله خلف ظهره والموت نصب عينيه فلما أصاب الخطيئة تحول أمله فصار بين عينيه وصار أجله خلف ظهره .
وقال الحسن ما أطال عبد الأمل إلا نسي العمل .
ويروى عن أبي الدرداء Bه أنه قام على درج مسجد دمشق فقال يا أهل دمشق ألا تسمعون من أخ لكم ناصح إن من كان قبلكم كانوا يجمعون كثيرا ويبنون مشيدا ويأملون بعيدا فأصبح جمعهم بورا وبنيانهم قبورا وأملهم غرورا هذه عاد قد ملأت البلاد أهلا ومالا وخيلا ورجالا فمن يشتري مني اليوم تركتهم بدرهمين .
وقيل لبعض الزهاد بالبصرة ألك حاجة ببغداد فقال ما أحب أن أبسط أملي حتى تمضي إلى بغداد وتجيء .
وأنشدوا .
( يا ذا المؤمل آمالا وإن بعدت ... عنه ويزعم أن يحظى بأقصاها ) .
( أنى تفوز بما ترجوه ويك وما ... أصبحت في ثقة من نيل أدناها ) .
وأنشدوا أيضا .
( ما الأمر أمرك في حل ولا ظعن ... تجول في جلد جذلان ومنفسح ) .
( ردت أوائلها بالموت فانقبضت ... والموت يقبض ذا الأحزان والفرح )