رويت هذا الحديث من طريق أسد بن موسى .
ويتذكر أيضا ما كانوا عليه من حدة الجلباب , ونضرة الإهاب وما كانوا يسحبونه من أردية الشباب وأنهم كانوا في ظلال النعيم يتقلبون وعلى أسرة السرور يتكئون وبما شاءوا من محابهم يتنعمون وفي أمانيهم يقومون ويقعدون لا يتحدثون بزوال ولا يهمون بانتقال ولا يخطر الموت لهم ببال .
قد خدعتهم الدنيا بزخرفها وخلبتهم برونقها وحدثتهم بأحاديثها الكاذبة ووعدتهم بمواعيدها المخلفة لم تزل تقرب لهم بعيدها وترفع لهم مشيدها وتلبسهم غضها وجديدها حتى إذا تمكنت منهم علائقها وتحكمت فيهم رواشقها وتكشفت لهم حقائقها ورمقتهم من المنية روامقها فوثبت عليهم وثبة الحنق وأغصتهم غصة الشرق وقتلتهم قتلة المختنق .
فكم عليهم من عيون باكية ودموع جارية وخدود دامية وقلوب من الفرح والسرور لفقدهم خالية .
وانشدوا في هذا المعنى .
( وريان من ماء الشباب إذا مشى ... يميل على حكم الصبا ويميد ) .
( تعلق من دنياه إذ عرضت له ... خلوبا ألباء الرجال تصيد ) .
( فأصبح منها في حصيد وقائم ... وللمرء منها قائم حصيد ) .
( خلا بالأماني واستطاب حديثها ... فينقص من أطماعه ويزيد ) .
( وأدنت له أشياء وهي بعيدة ... وتفعل تدني الشيء وهو بعيد ) .
( أتيحت له من جانب الموت رمية ... فراح بها المغرر وهو حصيد ) .
( وصار هشيما بعد أن كان يانعا ... وعاد حديثا يقضي ويبيد ) .
( كان لم ينل يوما من الدهر لذة ... ولا طلعت فيه عليه سعود ) .
( ليبكي عليه زهوه وشبابه ... وتدمي جفون إثره وخدود )