أن تجعلونا جسرا تعبرون علينا إلى جهنم .
وقال أبو حفص النيسابوري العالم هو الذي يخاف عند السؤال أن يقال له يوم القيامة من أين أجبت وكان إبراهيم التيمي إذا سئل عن مسئلة يبكي ويقول لم تجدوا غيري حتى احتجتم إلي .
وكان أبو العالية الرياحي وإبراهيم بن أدهم والثوري يتكلمون على الاثنين والثلاثة والنفر اليسير فإذا كثروا انصرفوا .
وقال A ما أدري أعزير نبي أم لا وما أدري أتبع ملعون أم لا وما أدري ذو القرنين نبي أم لا // حديث ما أدري أعزير نبي أم لا الحديث أخرجه أبو داود والحاكم وصححه من حديث أبي هريرة // ولما سئل رسول الله A عن خير البقاع في الأرض وشرها قال لا أدري حتى نزل عليه جبريل عليه السلام فسأله فقال لا أدري إلى أن أعلمه الله D أن خير البقاع المساجد وشرها الأسواق // حديث لما سئل عن خير البقاع وشرها قال لا أدري حتى نزل جبريل الحديث أخرجه أحمد وأبو يعلى والبزار والحاكم وصححه ونحوه من حديث ابن عمر // وكان ابن عمر Bهما يسئل عن عشر مسائل فيجيب عن واحدة ويسكت عن تسع وكان ابن عباس Bهما يجيب عن تسع ويسكت عن واحدة .
وكان في الفقهاء من يقول لا أدري أكثر مما يقول أدري منهم سفيان الثوري ومالك بن أنس وأحمد بن حنبل والفضيل ابن عياض وبشر بن الحرث .
وقال عبد الرحمن بن أبي ليلى أدركت في هذا المسجد مائة وعشرين من أصحاب رسول الله A ما منهم أحد يسئل عن حديث أو فتيا إلا ود أن أخاه كفاه ذلك .
وفي لفظ آخر كانت المسئلة تعرض على أحدهم فيردها إلى الآخر ويردها الآخر إلى الآخر حتى تعود إلى الأول وروي أن أصحاب الصفة أهدى إلى واحد منهم رأس مشوي وهو في غاية الضر فأهداه إلى الآخر وأهداه الآخر إلى الآخر هكذا دار بينهم حتى رجع إلى الأول .
فانظر الآن كيف انعكس أمر العلماء فصار المهروب منه مطلوبا والمطلوب مهروبا عنه ويشهد لحسن الاحتراز من تقلد الفتاوى ما روي مسندا عن بعضهم أنه قال لايفتى الناس إلا ثلاثة أمير أو مأمور أو متكلف .
وقال بعضهم كان الصحابة يتدافعون أربعة أشياء الإمامة والوصية والوديعة والفتيا .
وقال بعضهم كان أسرعهم إلى الفتيا أقلهم علما وأشدهم دفعا لها أورعهم .
وكان شغل الصحابة والتابعين Bهم في خمسة أشياء قراءة القرآن وعمارة المساجد وذكر الله تعالى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وذلك لما سمعوه من قوله A كل كلام ابن آدم عليه لا له إلا ثلاثة أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو ذكر الله تعالى // حديث كل كلام ابن آدم عليه لا له إلا ثلاثة الحديث أخرجه الترمذي وابن ماجه من حديث أم حبيبة قال الترمذي حديث غريب // وقال تعالى لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس الآية .
ورأى بعض العلماء بعض أصحاب الرأي من أهل الكوفة في المنام فقال ما رأيت فيما كنت عليه من الفتيا والرأي فكره وجهه وأعرض عنه وقال ما وجدناه شيئا وما حمدنا عافيته .
وقال ابن حصين إن أحدهم ليفتي في مسئلة لو وردت على عمر بن الخطاب Bه لجمع لها أهل بدر .
فلم يزل السكوت دأب أهل العلم إلا عند الضرورة .
وفي الحديث إذا رأيتم الرجل قد أوتي صمتا وزهدا فاقتربوا منه فإنه يلقن الحكمة // حديث إن رأيتم الرجل قد أوتى صمتا وزهدا الحديث أخرجه ابن ماجه من حديث ابن خلاد بإسناد ضعيف // وقيل العالم إما عالم عامة وهو المفتي وهم أصحاب السلاطين أو عالم خاصة وهو العالم بالتوحيد وأعمال القلوب وهم أصحاب الزوايا المتفرقون المنفردون .
وكان يقال مثل أحمد بن حنبل مثل دجلة كل أحد يغترف منها ومثل بشر بن الحرث مثل بئر عذبة مغطاة لا يقصدها إلا واحد بعد واحد .
وكانوا يقولون فلان عالم