@ 100 @ تصريح عمر بأنه صلى الله عليه وسلم كان ينفق على أهله نفقة سنته من فيء بني النضير ، وتصديق الجماعة المذكورة له في ذلك ، وهذا الحديث مخرج في الصحيحين وغيرهما من طرق متعددة بألفاظ متقاربة المعنى . وهو نص في أن نفقة أهله صلى الله عليه وسلم كانت في الفيء ، لا من الغنيمة . .
ويدل له أيضاً الحديث المتقدم ( مالي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس ، والخمس مردود عليكم ) فإن قيل ما وجه الجمع بين ما ذكرتم ، وبين ما أخرجه أبو داود من طريق أسامة بن زيد عن الزهري ، عن مالك بن أوس بن الحدثان قال : كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث صفايا : ( بنو النضير ، وخيبر ، وفدك . فأما بنو النضير فكانت حبساً لنوائبه ، وأما فدك فكانت حبساً لأبناء السبيل . وأما خيبر فجزأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أجزاء : جزئين بين المسلمين ، وجزءاً نفقة لأهله ، فما فضل عن نفقة أهله جعله بين فقراء المهاجرين ) . .
فالجواب والله تعالى أعلم أنه لا تعارض بين الروايتين ، لأن ( فدك ) ونصيبه صلى الله عليه وسلم من ( خيبر ) كلاهما فيء كما قدمنا عليه الأدلة الواضحة ، وكذلك ( النضير ) ، فالجميع فيء كما تقدم إيضاحه ، فحكم الكل واحد . .
وفي بعض الروايات الثابتة في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : وكانت فاطمة رضي الله عنها تسأل أبا بكر نصيبها مما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر ، وفدك ، وصدقته بالمدينة ، فأبى أبو بكر عليها ذلك ، وقال : لست تاركاً شيئاً كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل به إلا عملت به ، فإني أخشى إن تركت شيئاً من أمره أن أزيغ . .
فأما صدقته بالمدينة فدفعها عمر إلى علي ، وعباس ، وأما خيبر ، وفدك فأمسكهما عمر ، وقال : هما صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانتا لحقوقه التي تعروه ونوائبه ، وأمرهما إلى من ولي الأمر ، قال : فهما على ذلك إلى اليوم . .
هذا لفظ البخاري في صحيحه . .
وقال ابن حجر في ( الفتح ) : وقد ظهر بهذا أن صدقة النَّبي صلى الله عليه وسلم تختص بما كان من بني النضير . وأما سهمه من خيبر ، وفدك فكان حكمه إلى من يقوم بالأمر بعده ، وكان أبو بكر يقدم نفقة نساء النَّبي صلى الله عليه وسلم مما كان يصرفه فيصرفه من خيبر ، وفدك ، وما فضل من ذلك جعله في المصالح ، وعمل عمر بعده بذلك ، فلما كان عثمان تصرف في فدك بحسب ما رآه ، فروى أبو داود من طريق مغيرة بن مقسم ، قال : جمع عمر بن عبد العزيز بني مروان ، فقال : ( إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينفق من فدك على بني هاشم ، ويزوج أيمهم ،