@ 126 @ وأكرم لرسول الله صلى الله عليه وسلم من أن يأتيهم من طريقه هو حتى لا يكون عناية من يدعوهم لإطرائه . وهذا وإن كان متوجهاً إلا أن فيه نظراً لأنه صلى الله عليه وسلم لو جاءهم بأعظم من ذلك لما كان موضع تساؤل . .
من مجموع ما تقدم يكون أصل مشروعية الأذان سنة ثابتة ، إما أنه كان قد همّ أن يبعث رجالاً في البيوت ينادوه ، وإما لأنَّه أقرّ ما رأى عبد الله فيكون أصل المشروعيّة منه صلى الله عليه وسلم ، والتقرير منه على الألفاظ التي رآها عبد الله . فضل الأذان وآداب المؤذن .
لا شك أن الأذان من أفضل الأعمال ، وأن المؤذن يشهد له ما سمع صوته من حجر ومدر . إلخ . .
وقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم : ( أن المؤذنين أطول الناس أعناقاً يوم القيامة ) . .
وقال عمر رضي الله عنه : لولا الخلافة لأذنت . .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( الإمام ضامن ، والمؤذن مؤتمن ، اللهم أرشد الأئمة ، واغفر للمؤذنين ) رواه أبو داود والترمذي ، إلى غير ذلك من فضائل الأذان ، فقيل : مؤتمن على الوقت ، وقيل : مؤتمن على عورات البيوت عند الأذان ، فقد حث صلى الله عليه وسلم المؤذنين على الوضوء له كما في حديث : ( لا ينادي للصلاة إلا متوضىء ) وإن كان الحدث لا يبطله اتفاقاً . .
ولما كان بهذه المثابة كانت له آداب في حق المؤذنين . .
منها : أن يكونوا من خيار الناس ، كما عند أبي داود : ( ليؤذن لكم خياركم وليؤمكم أقرؤكم ) ، وعليه حذر صلى الله عليه وسلم من تولي الفسقة الأذان كما في حديث : ( الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن ) المتقدم . فإن فيه زيادة عند البزار قالوا يا رسول الله . لقد تركتنا تتنافس في الأذان بعدك فقال : ( إنه يكون بعدي أو بعدكم قوم سفلتهم مؤذنوهم ) . .
ومنها : أنه يكره التغني فيه ، لأنه ذكر ودعاء إلى أفضل العبادات ، وقد جاء عن ابن عمر رضي الله عنه أن رجلاً قال له : إني أحبك في الله ، قال ابن عمر : لكني أبغضك في الله ، فقال : ولم ؟ قال لأنك تتغنى في أذانك . .
وفي المغني لابن قدامة : ولا يعتد بأذان صبي ولا فاسق ، أي ظاهر الفسق ، وعند المالكية : لا يحاكي في أذانه الفسقة .