@ 165 @ .
فالتعليق بها يدل على الشك في وجود الشرط بلا نزاع . .
وما خرج عن ذلك من التعليق بها مع العلم بوجود الشرط أو العلم بنفيه ، فلأسباب أخر ، وأدلة خارجة ، ولا يجوز حملها على أحد الأمرين المذكورين ، إلا بدليل منفصل كما أوضحناه ، في غير هذا الموضع . .
تنبيه .
اعلم أن ما ذكرنا من أن لو تقتضي عدم وجود الشرط ، وأن إن تقتضي الشك فيه ، لا يرد عليه قوله تعالى : { فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ } . كما أشرنا له قريباً . .
لأن التحقيق أن الخطاب في قوله : ( إن كنت في شك ) خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ، والمراد به من يمكن أن يشك في ذلك من أمته . .
وقد قدمنا في سورة بني إسرائيل في الكلام على قوله تعالى : { لاَّ تَجْعَل مَعَ اللَّهِ إِلَاهًا ءَاخَرَ } . دلالة القرآن الصريحة على أنه صلى الله عليه وسلم يتوجه إليه الخطاب من الله ، والمراد به التشريع لأمته ، ولا يراد هو صلى الله عليه وسلم ألبتة بذلك الخطاب . .
وقدمنا هناك أن من أصرح الآيات القرآنية في ذلك قوله تعالى { وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ } ، فالتحقيق أن الخطاب له صلى الله عليه وسلم والمراد أمته لا هو نفسه ، لأنه هو المشرع لهم بأمر الله . .
وإيضاح ذلك أو معنى : { إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ } أي إن يبلغ عندك الكبر يا نبي الله والداك أو أحدهما فلا تقل لهما أف . .
ومعلوم أن أباه مات وهو حمل ، وأمه ماتت وهو في صباه فلا يمكن أن يكون المراد : إن يبلغ الكبر عندك هما أو أحدهما والواقع أنهما قد ماتا قبل ذلك بأزمان . .
وبذلك يتحقق أن المراد بالخطاب غيره من أمته الذي يمكن إدراك والديه أو أحدهما الكبر عنده . .
وقد قدمنا أن مثل هذا أسلوب عربي معروف وأوردنا شاهداً لذلك رجز سهل بن مالك الفزاري في قوله :