@ 157 @ إنسان جسم ، وهذه النتيجة في غاية الصدق كما ترى . .
مع أن المقدمة الصغرى ، من الدليل التي هي قولك : كل إنسان حجر في غاية الكذب كما ترى . .
وإنما صدقت النتيجة لخصوص المادة كما أوضحنا ، ولولا ذلك لكانت كاذبة لأن النتيجة لازم الدليل والحق لا يكون لازماً للباطل فإن وقع شيء من ذلك فلخصوص المادة كما أوضحنا . .
وبهذا التحقيق تعلم ، أن الشرط الباطل لا يلزم وتطرد صحة ربطه إلا بجزاء باطل مثله . .
وما يظنه بعض أهل العلم من أن قوله تعالى { فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ } كقوله تعالى { قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَانِ وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ الْعَابِدِينَ } فهو غلط فاحش والفرق بين معنى الآيتين شاسع فظن استوائها في المعنى باطل . .
وإيضاح ذلك أن قوله تعالى : { فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ } معناه المقصود منه جار على الأسلوب العربي ، لا إبهام فيه ، لأنا أوضحنا سابقاً أن مدار صدق الشرطية على صحة الربط بين شرطها وجزئها ، فهي صادقة ولو كذب طرفاها عند إزالة الربط كما تقدم إيضاحه قريباً . .
فربط قوله : { فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ } بقوله { فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ } ربط صحيح لا إشكال فيه ، لأن الشاك في الأمر شأنه أن يسأل العالم به عنه كما لا يخفى ، فهي قضية صادقة ، مع أن شرطها وجزاءها كلاهما باطل بانفراده ، فهي كقوله { لَوْ كَانَ فِيهِمَآ آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا } فهي شرطية صادقة لصحة الربط بين طرفيها ، وإن كان الطرفان باطلين عند إزالة الربط . .
أما قوله تعالى { قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَانِ وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ الْعَابِدِينَ } على القول بأن إن شرطية لا تمكن صحة الربط بين شرطها وجزائها ألبتة ، لأن الربط بين المعبود وبين كونه والداً أو ولداً لا يصح بحال . .
ولذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا أشك ولا أسأل أهل الكتاب ) فنفي الطرفين