@ 225 @ فقالت أم سلمة : بعثت صاعين من تمر إلى رجل من الأنصار فأتانا بدل صاعين هذا الصاع الواحد ، وها هو ، كل ، فألقى التمرة بين يديه فقال : ( ردوه لا حاجة له فيه . التمر بالتمر ، والحنطة بالحنطة ، والشعير والشعير ، والذهب بالذهب ، والفضة بالفضة ، يداً بيد ، عيناً بعين ، مثلاً بمثل فمن زاد فهو رباً ) ثم قال ( كذلك ما يكال ويوزن أيضاً ) إلى آخره . .
ثم قال الحاكم رحمه الله : هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه بهذه السياقة . وهذا الحديث الذي قال الحاكم إنه صحيح الإسناد ، فيه التصريح بأن ما يكال ويوزن يباع مثلاً بمثل ، يداً بيد . وقد قدمنا مراراً أن الموصولات من صيغ العموم لعمومها في كل ما تشمله صلاتها . فأبو حنيفة مثلاً القائل بالربا في الأشنان متمسك بظاهر هذا الحديث . فهو أقرب إلى ظاهر النص من الظاهرية المستهزئين به الزاعمين أنه بعيد في ذلك عن النص . .
فإن قيل : هذا الحدث لا يحتج به لضعفه ، وقد قال الذهبي متعقباً على الحاكم تصحيحه للحديث المذكور ما نصه : قلت : حيان فيه ضعف وليس بالحجة ، وقد أشار البيهقي إلى تضعيف هذا الحديث ، وأعله ابن حزم من ثلاثة أوجه : الأول زعمه أنه منقطع . لأن أبا مجلز لم يسمع من أبي سعيد ولا من ابن عباس . الثاني أن في الحديث أن ابن عباس رجع عن القول بإباحة ربا الفضل . واعتقاد ابن حزم أن ذلك باطل لقول سعيد بن جبير إن ابن عباس لم يرجع عن ذلك . والثالث أن حيان بن عبيد الله المذكور في سند هذا الحديث مجهول . .
فالجواب عن ذلك كله هو ما ستراه الآن إن شاء الله ، وهو راجع إلى شيئين : الأول مناقشة من ضعف الحديث ، وبيان أنه ليس بضعيف . والثاني أنا لو سلمنا ضعفه تسليماً جدلياً فهو معتضد بما يثبت الاحتجاج به من الشواهد . .
أما المناقشة في تضعيفه ، فقول الذهبي : إن حيان فيه ضعف وليس بالحجة معارض بقول أبي حاتم فيما ذكره عن ابنه في كتاب الجرح والتعديل : إنه صدوق ، ومعلوم أن الصحيح أن التعديل يقبل مجملاً ، والتجريح لا يقبل إلا مبيناً مفصلاً كما هو مقرر في علوم الحديث . وقد ترجم له البخاري في تاريخه الكبير ولم يذكر فيه جرحاً . وإعلال ابن حزم له بأنه منقطع . وأن حيان مجهول قد قدمنا مناقشته فيه في سورة ( البقرة ) لأن أبا مجلز أدرك ابن عباس وسمع عنه . .
قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل في أبي مجلز المذكور : وهو لاحق ابن حميد