من رجاله يحتمل أن يقع الخلل من جهته سهوا أو عمدا ففي قلتهم قلة جهات الخلل وفي كثرتهم كثرة جهات الخلل قال وهذا جلي واضح .
ونحوه قول ابن دقيق العيد لا أعلم وجها جيدا لترجيح العلو إلا أنه أقرب الصحة وقلة الخطأ فإن الطالبين يتفاوتون في الإتقان والغالب عدم الإتقان فإذا كثرت الوسائط ووقع في كل واسطة تساهل ما كثر الخطأ والزلل وإذا قلت الوسائط قل انتهى .
وهذا موافق لما ذكره الأصوليون في ترجيح ما قلت وسائطه على ما كثرت لأن احتمال الغلط فيما قلت وسائطه أقل ثم إن علل به تفضيل النزول قد يوهم أن الحكم كذلك ولو كان راوي العالي أحفظ أو أوثق أو أضبط ونحو ذلك وليس كذلك جزما كما أنه إذا انضم إلى النزول الإتقان وكان العلو بضده لا ترد وكما قاله ابن دقيق العيد في أن النزول أقوى .
ونحوه قول المصنف وسأذكر المسألة آخر الباب وحينئذ فمحل الاختلاف عند التساوي في جميع الأوصاف ما عدا العلو ومع ذلك فالعلو أفضل وطلبه وكما قال ابن طاهر من علو همة المحدث ونبل قدره وجزالة رأيه ولذا أجمع أهل النقل على طلبهم له ومدحهم إياه حتى أن البخاري لم يورد في صحيحه حديث مالك من جهة الشافعي لكونه لا يصل لمالك من طريقه إلا بواسطتين وهو قد استغنى عن ذلك بإدراكه لأصحابه كالقعنبي فلم ير النزول مع إمكان العلو .
وقال الإسماعيلي ولهذا اعتمد البخاري في كثير من حديث الزهري على شعيب إذ كان من أحسن ما أدركه من الإسناد وأقل من الرواية من طريق معمر لأن أكثر حديث معمر وقع له بنزول على أن البخاري قد روى عن جماعة ممن سمع منهم تلميذه مسلم بواسطة بينه وبينهم كأحمد بن محمد بن حنبل وأحمد بن منيع وداود ابن رشيد وسريج بن يونس وسعيد بن