وهو ما ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر قال كانوا يبتاعون الطعام جزافا على السوق فنهاهم رسول الله A أن يبيعوه حتى ينقلوه قال ابن قدامة يجوز بيع الصبرة جزافا لا نعلم فيه خلافا إذا جهل البائع والمشتري قدرها انتهى .
وإنما قلنا إن الدليل الوارد بجواز بيع الجزاف مخصص لأحاديث النهي عن بيع الغرر لأن في بيع الجزاف غررا في الجملة إذ الجزاف هو ما لم يعلم قدره على التفصيل وأما قوله غير مستثن إلا مشاعا فوجهه أن الاستثناء يزيد في الجهالة الكائنة في الصبرة زيادة على الجهالة التى خصصها الدليل فلا يدخل بعد هذه الجهالة في التخصيص وأما إذا كان المستثنى جزءا مشاعا فلا بأس به فإنه لا يوجب مزيد جهالة وهكذا مع الاختيار لما قدمنا قريبا .
وأما ما ذكره من قوله أو كل كذا بكذا أو ما بعده من الصور فإن كان وقوع ذلك يرفع من مطلق الجهالة شيئا فهو وإن كان بيع جزاف لكنه قد توصل إلى تفصيله من وجه والتخيير لمعرفة مقدار الثمن صحيح لأنه عند هذا التفصيل جهل المشتري ما يلزمه من الثمن وأما الصورة الثانية والثالثة فالأولى عدم الحكم بالفساد مع الزيادة والنقص بل مجرد إثبات الخيار يكفي كالصورة الأولى وبهذا تعرف عدم الحاجة إلى الكلام على بقية ما في هذا الفصل فإن ما ذكرناه يبصرك بما ينبغي أن يقال في كل ذلك