فإن قلت وما الدليل الذى دل على المنع مما نفعه حرم قلت ما ثبت عنه A في الصحيحين وغيرهما من حديث جابر قال إنه سمع النبي A يقول إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام فقيل يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة فإنه يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس فقال لا هو حرام فصرح A بأن بيع ذلك حرام مع بيانهم لوجوه الانتفاع به ثم قال بعد ذلك قاتل الله اليهود إن الله لما حرم عليهم شحومها جملوه ثم باعوه وأكلوا ثمنه وأخرج أحمد وأبو داود بإسناد رجاله ثقات من حديث ابن عباس أن النبي A قال لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها وإن الله إذا حرم على قوم أكل شيء حرم عليهم ثمنه فصرح A بأن الحرمة مانعة من البيع والتحريم كما يكون في أعيان الأشياء يكون أيضا في منافعها ولهذا قال رسول الله A لا تبيعوا القينات المغنيات ولا تشتروهن ولا تعلموهن ولا خير في تجارة فيهن وثمنهن حرام فجعل A ثمنهن حراما لأن الغالب أنهن لا يبعن إلا للغناء مع كون الانتفاع بهن في غيره ممكنا كالوطئ والخدمة أخرجه الترمذي من حديث أبي أمامة وقال غريب انتهى ولكن له شواهد تقويه .
فالحاصل أنه إذا كان الغالب في الانتفاع بالمبيع هو المنفعة المحرمة فلا يجوز بيعه وكانت هذه الغلبة توجب حصول الظن للبائع بأن المشتري ما أراد بشرائه لتلك العين إلا تلك المنفعة المحرمة وأما إذا لم تكن ثم غلبة فالأمر كما قدمنا ومن هذا بيع العنب