كل باب وهي أن الشيء إذا كان حكمه معلوما بالرجوع إلى ما هو الأصل فيه فلا يجوز الانتقال عن ذلك الأصل إلا بسموغ جعله الشارع صالحا للانتقال فإن اعتبر الشارع في ذلك المسوغ العلم فلا يصلح للنقل إلا العلم وإن اعتبر الظن كان الظن صالحا لذلك والاعتبار بما يصدق عليه مسمى الظن وأما تقسيم الظن إلى هذه الأقسام فهو مما لا يدل عليه دليل ولا ثبت في شأنه ما يصلح للتعويل عليه والرجوع إليه .
ولا شك أن الظن في نفسه يكون قويا في بعض الأحوال وضعيفا في بعض آخر بحسب قوة ما أفاده وضعفه ولكن المصير في كونه ظنا أن يكون تجويزا راجحا على مقابله وبذلك يمتاز عن الشك .
فما ورد فيه تجويز العمل بالظن أو إيجابه كفى فيه ما يصدق عليه أنه ظن .
وأما كونه لا يجوز العمل به في بعض المواضع إلا بشرط أن يكون مقاربا للعلم ويجوز العمل به في بعض آخر وإن لم يكن كذلك فهذا لم يرد ما يدل عليه .
ثم وصفه للظن بالغالب إن أراد أنه غالب بما قابله فهو لا يكون ظنا إلا بذلك لأنه إذا ساواه ولم يغلبه فهو الشك وإن أراد بالغالب مرتبة من مراتب الظن فلم يكن ذلك إلا مجرد اصطلاح لم تدل عليه لغة العرب ولا وافق اصطلاح أهل الأصول وإن كان معلوما بالدليل كان الدليل الوارد على خلاف ما دل عليه ذلك الدليل إما ناسخا إن تأخر عنه تاريخا أو مقيدا لاطلاقه أو مخصصا لعمومه إن كان أحدهما مطلقا والآخر مقيدا أو أحدهما عاما والآخر خاصا ولا يصار إلى التعارض مع إمكان الجمع بوجه مقبول معتبر .
فهكذا ينبغي ان يكون الكلام في هذا المقام وأما قوله وضرب يستصحب فيه الحال وضرب عكسه فاستصحاب الحال متعين عند من قال بدليل الاستصحاب والكلام في ذلك معروف في الأصول