لم يجزه صيام الدهر فإن هذا إنما هو بيان لعظم جرمه وغلظ معصيته وانه قد فعل ما لا يمكن تلافيه واما كونه يقضي بنفسه فظاهر لان الوجوب متعلق به فإن مات ولم يقض فقد ثبت في الصحيح حديث من مات وعليه صوم صام عنه وليه واما كونه يكون القضاء في غير واجب الصوم فلكون ذلك الوقت قد تعين صومه لسبب آخر فلا يكون الصوم للقضاء في وقت متعين للأداء وإذا ساغ له الافطار لعذر كا لسفر لم يجز له ان يفعل فيه غير ما رخص فيه لأجله واما كون القضاء في غير واجب الافطار كالعيدين وأيام الشتريق وأيام الحيض والنفاس فالأمر اوضح من شمس النهار والادلة على المنع من الصوم في ذلك ثابتة ثبوتا لا يخفى والتعويل على الشبه الداحضة ليس من دأب اهل الانصاف بل من دأب ارباب التعصب والاعتساف وأما كونه يتحرى في ملتبس الحصر فذلك غاية ما يقدر عليه من عرض له اللبس قوله وندب الولاء اقول لا يخفى ان المطلوب من العبد قضاء ما فات من رمضان بعدد الايام التي افطرها فإذا جاء بها متفرقة فقد فعل ما طلب منه كما لو جاء بها مجتمعة لان كل يوم عبادة مستقلة بنية وإمساك في وقت معين من الفجر الى الغروب فمن قال بوجوب التتابع فقد جاء بصفة زائدة وعليه الدليل الدال على ذلك ولم يأت من الادلة على وجوب التتابع ما تقوم به الحجة بل الادلة التي وردت في عدم وجوب التتابع انهض من الادلة التي استدل بها الموجبون للتابع وان كان الجميع لا تقوم به الحجة نعم اذا جاء بأيام القضاء متتابعة فقد سارع الى التخلص عما عليه وبادر الى امتثال الامر فهو من هذه الحيثية مندوب كما قال المصنف