وأخرج النسائي وابن حبان وابن خزيمة في صحيحيهما عن ابن عمر قال إن رسول الله A أتانا ونحن ضلال فعلمنا كان فيما علمنا أن الله D أمرنا أن نصلي في السفر ركعتين .
فهذه الأدلة قد دلت على أن القصر واجب عزيمة غير رخصة وأما قوله تعالى وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا فهو وارد في صلاة الخوف والمراد قصر الصفة لا قصر العدد كما ذكر ذلك المحققون وكما يدل عليه آخر الآية ولو سلمنا أنها في صلاة القصر لكان ما يفهم من رفع الجناح غير مراد به في ظاهره لدلالة الأحاديث الصحيحة على أن القصر عزيمة لا رخصة .
ولم يرد في السنة ما يصلح لمعارضة ما ذكرناه من الأدلة الصحيحة .
قوله على من تعدى ميل بلده مريدا أي سفر بريدا .
أقول هذه المسألة قد اضطربت فيها الأقوال وكثرت فيها مذاهب الرجال وقد ثبت في الصحيحين من حديث أنس قال صليت مع النبي A الظهر بالمدينة أربعا وصليت معه العصر بذي الحليفة ركعتين .
وهذا يدل على أن الخارج لسفر يقصر الصلاة إذا خرج من بلده قدر ما بين المدينة وذي الحليفة وهو ستة أميال ولكن هذا لا يدل على عدم القصر فيما دون هذه المسافة لما ثبت في صحيح مسلم وغيره عن أنس أن النبي A كان إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ صلى ركعتين .
وأخرج سعيد بن منصور عن أبي سعيد الخدري قال كان رسول الله A إذا سافر فرسخا يقصر الصلاة