مجازفة بالغة وجرأة على التقول على الله وعلى رسوله وعلى شريعته والعجب من كثرة الأقوال في تقدير العدد حتى بلغت إلى خمسة عشر قولا وليس على شيء منها دليل يستدل به قط إلا قول من قال إنها تنعقد جماعة الجمعة بما تنعقد به سائر الجماعات .
قوله ومسجد في مستوطن .
أقول وهذا الشرط ايضا لم يدل عليه دليل يصلح للتمسك به لمجرد الاستحباب فضلا عن الشرطية ولقد كثر التلاعب بهذه العبادة وبلغ إلى حد تقضي منه العجب .
والحق أن هذه الجمعة فريضة من فرائض الله سبحانه وشعار من شعارات الإسلام وصلاة من الصلوات فمن زعم أنه يعتبر فيها ما لا يعتبر في غيرها من الصلوات لم يسمع منه ذلك إلا بدليل وقد تخصصت بالخطبة وليست الخطبة إلا مجرد موعظة يتواعظ بها عباد الله فإذا لم يكن في المكان إلا رجلان قام أحدهما يخطب واستمع له الآخر ثم قاما فصليا صلاة الجمعة .
ولقد تضرب الجلال في هذه الشروط تضربا يأباه الإنصاف بل يأباه التحقيق ومال مع الخوارج في بعضها كما جرت عادته بالقيام في المواطن المبتدعة والأقوال المخترعة .
قوله وخطبتان قبلها إلخ .
أقول قد ثبت ثبوتا متواترا يفيد القطع بأن النبي A ما ترك الخطبة في صلاة الجمعة قط فالجمعة التي شرعها الله سبحانه هي صلاة الركعتين مع الخطبة قبلها وقد أمر الله سبحانه في كتابه العزيز بالسعي إلى ذكر الله والخطبة من ذكر الله إذا لم تكن هي المرادة بالذكر فالخطبة فريضة .
وأما كونها شرطا من شروط الجمعة فلا .
وأما قوله مع عددها فقد عرفت ما فيه وهكذا اشتراط طهارتهم وطهارة الخطيب فليس على ذلك دليل بل يصح أن يخطب وهو محدث وهم محدثون ثم يقوم ويقومون فيتطهرون ويصلون صلاة الجمعة .
وهكذا اشتراط عدالة الخطيب لا دليل عليه وأما استدبار الخطيب للقبلة واستقباله للحاضرين فهذه هيئة حسنة كان يفعلها رسول الله A ويفعلها من بعده من الخلفاء الراشدين ومن بعدهم ولكن لا دليل يدل على الوجوب فإن تأدية الذكر المأمور بالسعي إليه ممكنة بدون ذلك