وبما أوضحناه لك في هذا البحث ترتفع عنك الإشكالات في هذه المسألة فقد طالت ذيولها وتشعبت طرائقها .
قوله ومنهما حي على خير العمل .
أقول هذا اللفظ قد صار من المراكز العظيمة عند غالب الشيعة ولكن الحكم بين المختلفين من العباد هو كتاب الله وسنة رسول فما جاءنا فيهما فسمعا وطاعة وما لم يكن فيهما فإن وضح فيه وجه قياس بمسلك من المسالك المقبولة التي لا ترفع ولا تنقض كالنص على العلة أو دلالة الدليل على ثبوت الحكم في المسكوت عنه بفحوى الخطاب كان للمتمسك بذلك أن يقول به على ما فيه من خلاف .
وهكذا إذا صح الإجماع على حكم ولكن دون تصحيح الإجماع مفاوز متلوية وطرائق متشعبة وعقاب شامخة كما أوضحنا ذلك في إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول .
وإذا كان اختلاف المختلفين في حكم ثابت من السنة فالمرجع دواوينها التي وضعها علماء الرواية وهي الأمهات وما يلتحق بها من المسانيد ونحوها ولم يثبت رفع هذا اللفظ إلى رسول الله A في شيء من كتب الحديث على اختلاف أنواعها وغاية ما يروى في ذلك ما أخرجه الطبراني والبيهقي عن بلال أنه كان يؤذن للصبح فيقول حي على خير العمل فأمره رسول الله A أن يجعل مكانها الصلاة خير من النوم وترك حي على خير العمل وفي إسناده عبد الرحمن بن عمار بن سعد وهو ضعيف وقد قال البيهقي بعد إخراجه هذا اللفظ لم يثبت فيما علم النبي A بلالا وأبا محذورة ونحن نكره الزيادة فيه انتهى .
ومع هذا ففي هذا التصريح بأن النبي A أمر بلالا أن يترك ذلك فلو قدرنا ثبوته لكان منسوخا