فدل ذلك على جواز المصالحة إذا طلبها الكفار وجنحوا إليها وقيل لا يحوز ذلك لقوله سبحانه فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون ولا يخفاك أنه لا معارضة بين الآيتين فإن الآية الأولى دلت على أن الكفار إذا جنحوا للسلم جنحنا لها والآية الأخرى دلت على عدم جواز الدعاء من المسلمين إلى السلم فالجمع بينهما بأنه يجوز عقد الصلح إذا طلب ذلك الكفار ولا يجوز طلبه من المسلمين إذا كانوا واثقين بالنصر وقد أوضحنا الكلام على الآيتين في تفسيرنا فليرجع إليه وقيل لا يجوز المصالحة أصلا وأن ما ورد في جوازها منسوخ بقوله اقتلوا المشركين ونحوها ولا وجه لدعوى النسخ وأيضا الجمع ممكن بأنهم يقتلون ويقاتلون ما لم يجنحوا إلى السلم .
وأما كون المدة معلومة فوجهه أنه لو كان الصلح مطلقا أو مربدا لكان ذلك مبطلا للجهاد الذي هو من أعظم فرائض الإسلام فلا بد من أن يكون مدة معلومة على ما يرى الإمام من الصلاح فإذا كان الكفار مستظهرين وأمرهم مستعلنا جاز له أن يعقده على مدة طويلة ولو فوق عشر سنين و ليس في ذلك مخالفة لعقدة صلى الله عليهو آله و سلم للصلح الوقع مع قريش عشر سنين فإنه ليس في هذا ما يدل على أنه لا يجوز أن تكون المدة أكثر من عشر سنين إذا اقتضت ذلك المصلحة .
وأما قوله فيفي بما وضع فهذا معلوم لا خلاف فيه والآيات القرآنية والأحاديث الصحيحة في هذا المعنى أكثر من أن تحصر .
قوله ولو على رد من جاءنا مسلما .
أقول وجهه ما وقع منه A في صلح الحديبية مع قريش