وهذه أحاديث معروفة مشهورة وهي تدل على مزيد خصوصية في الفضيلة للمساجد التي يجتمع الناس إليها وينادى للصلاة فيها وهي أخص من كون كل بقاع الأرض مسجدا لحديث جعلت لي الأرض مسجدا فهذا هو الوجه لقول المصنف رحمه وأفضل أمكنتها المساجد .
وأما جعل مسجد الكوفة في الشرف بعد الثلاثة المساجد فلم يثبت ذلك بدليل ولا كان للكوفة مسجد في أيام النبوة وكان الأولى أن يجعل مكان مسجد الكوفة مسجد قباء ومسجد عبد القيس بعد أن يذكر شرف البقاع التي ثبت أن النبي A صلى فيها .
وأما شرف الجوامع فإن كان لكثرة الجماعات فيها فليس ذلك بمختص بالمساجد بل صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده ثم صلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل ثم كذلك كلما كثر الجمع في الجماعة كانت أزكى كما وردت السنة بذلك .
وأما قوله ثم ما شرف عامره فليس ذلك بمزية توجب كون المسجد أفضل من غيره فضلا عن كون الصلاة فيه أفضل منها في غيره وما اسمج ما قال الجلال C ها هنا من أن الأرض قد جعلها الله مسجدا على السواء وهو أعظم من كل عظيم فترجيح وضع العبد على وضع الرب مما لا ينبغي أن ينسب إلى ذي فهم انتهى .
ولا يخفاك أن المساجد التي جعلها العباد هي أحد بقاع الأرض التي جعلها الله مسجدا وليست غيرها ولا خارجة عنها حتى يتم ما قاله وكان ينبغي للمصنف C أن يجعل مكان ما شرف عامره الصلاة في فلاة من الأرض فإنه قد ورد أنها بخمسين صلاة وقد ذكرنا في شرح المنتقي عند ذكر مصنفه لهذا الحديث ما ينبغي الرجوع إليه لما اشتمل عليه من الفائدة .
قوله ولا يجوز في المساجد إلا الطاعات