أقول مجرد الحفر تعديا يصلح سببا للضمان إذا كان وقوع الواقع فيها لا عن تعمد منه كأن يمشي ليلا فيقع فيها أو يكون بصره ضعيفا فهذا من الأسباب التي تضمنها العاقلة .
وأما قوله لا بالوقوع على من تضمن جنايته فإن كان الواقف في الحفيرة غير متعد فلا وجه لمشاركته في الضمان أصلا لأنه ورد عليه ما لم يتسبب لوقوعه ولا يطيق دفعه والعجب من الجزم بمثل هذه الأحكام بلا عقل ولا نقل وقد صح عن رسول الله A في الصحيحين وغيرهما أنه قال البئر جبار وإنما أثبتنا الضمان على الحافر تعديا لتعديه فقط ولو لم يكن متعديا لم يلزمه ضمان ألبتة لهذا الحديث وبهذا تعرف أن قوله فإن تعدد الواقعون إلخ مبني على التعدي من الحافر وإلا فلا يلزمه شيء من الضمان والأولى العمل في المتجاذبين بما أخرجه أحمد والبزار والبيهقي من حديث حنش بن المعتمر عن علي أن ناسا باليمن حفروا زبية للأسد فوقع الأسد فيها فازدحم الناس فتردى فيها واحد فتعلق بواحد فجذبه وجذب الثاني ثالثا والثالث رابعا فرفع ذلك إلى علي فقال للأول ربع الدية وللثاني الثلث وللثالث النصف وللربع الجميع فرفع ذلك إلى النبي A فأمضى قضاءه قال ابن حجر في التلخيص قال البزار لا نعلمه يروى إلا عن علي ولا نعلم له إلا هذا الطريق وحنش ضعيف انتهى قلت ليس فيه من الجرح ما يوجب عدم الاعتبار بحديثه فإن غاية ما قيل فيه ما قاله البخاري إنهم يتكلمون فيه وما قاله النسائي إنهم يتكلمون فيه وهذا لا يوجب جرحا يوجب ترك العمل