يشترط أن يكون الخصم راضيا بالوكيل ولا قال أحد إن خصومة الوكيل لا تصح إلا مع حضور الموكل فأي فائدة لذكر مثل هذه الأمور وما أظنه يصح عن أبي حنيفة ما روي عنه من الاشتراط فإن رأيه الذي يبني عليه كثيرا من مسائله هو أرفع قدرا من هذا .
وأما كونه يصح من الوكيل تعديل بينة الخصم فظاهر لعدم المانع وأما كونه يصح منه الإقرار على الموكل فخطل من القول وزائف من الرأي فإنه إنما وكل بالخصومة والمدافعة لا بالإقرار على موكله ما لم يأذن له الموكل بذلك لا كما قالوا إنه يصح منه الإقرار ما لم يحجر وأعجب من هذا تنزيل المصنف للمنكول منه منزلة الإقرار فيالله العجب من إهدار أموال العباد بما لا تستحل به من الأسباب .
وأما كون إليه القبض فيما تولى إثباته فالقبض أمر زائد على ما وكل به وهو الإثبات فلا يدخل تحته إلا لعرف أو لقرينة تفيد ذلك والعجب من المصنف حيث يصرح بمنع الوكيل من الصلح والتوكيل مع تجويزه لإقراره والحال أن الصلح فيه معارضة والتوكيل ليس فيه تفويت ملك الموكل كما يحصل تفويته بالإقرار من غير عوض وهل هذا إلا شبيه بالتشهي وتحرير مسائل الفقه كيفما اتفق وعلى ما يقود إليه الذهن ويجري به القلم .
نعم لا يصح من الوكيل صلح ولا توكيل ولا إبراء لأنه لم يؤمر بذلك إلا إذا كان مفوضا تفويضا يشمل هذه الأمور شمولا ظاهرا لأن بعضها فيه إضرار بالموكل محض وهو الإبراء وبعضها فيه إضرار بالموكل دون إضراره بالإبراء وهو الصلح وبعضها مظنة لعدم صدور الخصومة على ما لا يريده الموكل وهو توكيل الوكيل ولكن الشأن في تصحيح الإقرار من الوكيل من غير شرط والظاهر أن تفويض الموكل ينصرف إلى ما فيه نفع له محض ومصلحة خالصة ولا ينصرف إلى غير ذلك ومثل هذا هو الذي يريده كل عاقل لما يفعله من التفويض