فمن ادعى أنه يجوز في حالة التداوي فعليه الدليل المخصص لهذا العموم وإلا كان قوله ردا عليه .
وإذا تقرر لك هذا علمت أن المدعي بجواز التداوي بالحرام والنجس هو المطالب بالدليل لا المانع من ذلك فإن مجرد قيامه مقام المنع يغنيه حتى يزحزحه الدليل فلا يطالب لشيء في قواعد المناظرة لأنه قائم مقام المنع ومتمسك بالأدلة العامة الشاملة لمحل النزاع .
ومع هذا فقد ورد الدليل الدال على المنع من التداوي بالحرام فأخرج أبو داود من حديث أبي الدرداء قال قال رسول الله A إن الله أنزل الداء والدواء وجعل لكل داء دواء فتداوووا ولا تتداووا بحرام وما قيل من أن في إسناده إسماعيل بن عياش فهو إنما يضعف في روايته عن الحجازيين لا في روايته عن الشاميين وهو هنا روى هذا الحديث عن ثعلبة بن مسلم الخثعمي وهو شامي ثقة .
ويؤيده ما أخرجه مسلم وأحمد والترمذي وابن ماجه من حديث أبي هريرة قال نهى رسول الله A عن الدواء الخبيث ومعلوم أن الحرام خبيث وأن النجس خبيث .
وثبت عند مسلم وأحمد وأبي داود والترمذي وصححه من حديث وائل بن حجر أن طارق بن سويد سأل النبي A على الخير فنهاه عنها فقال إنما أصنعها للدواء فقال إنه ليس بدواء ولكنه داء .
ولا يعارض هذه الأدلة إذنه A للعرنين أن يشربوا من أبوال الإبل للتداوي بها فإن الخلاف في كونها نجسة أو محرمة معروف مقرر في مواطنه