غير غاصبا ولا ظالم فحكم من زرع غاضبا ظالما مثل هذا الحكم .
الوجه الثالث بما أخرجه أبو داود والدارقطني من حديث عروة بن الزبير عن بعض الصحابة أن رجلين اختصما إلى رسول الله A غرس أحدهما نخلا في أرض فقضى لصاحب الأرض بأرضه وأمر صاحب النخل أن يخرج نخلة منها قال فلقد رأيتها وإنها لتضرب أصولها بالفؤوس وإنها لنخل عم وإذا كان هذا هو حكم الشرع في النخل الذي تعظم المؤنة عليه وتكثر الغرامة فيه فأمر النبي الغاصب بالقلع وإخراج نخله مع كونه قد صار نخلا عما فكيف لا يكون الزرع مثله مع حقارة المؤونة عليه وقصر المدة فيه وليس في كون البذر من الغاصب زيادة على كون أصول الغرس منه فلا يصح أن يكون أحدهما سببا لاستحقاق الغاصب للنفقة دون الآخر فما ذكره المصنف C من قلع الزرع وإن لم يحصد ولزوم أجرة الأرض للغاصب وإن لم ينتفع صواب وهكذا قوله إن عليه أرش ما نقص .
وأما قوله فإن أجر أو نحوه فموقوف فالمعتبر إجارة المالك فإن أجاز كانت هذه الإجازة هي التي صح بها التأجير ونحوه وإن لم يجز كان ما فعله الغاصب وجوده كعدمه وأما قوله إلا نقصان السعر فوجهه أن ذلك النقصان ليس من فعل الغاصب حتى يضمنه ولا يخفاك أن ارتفاع السعر يزيد قيمة ذلك المغصوب فوق ما كانت عليه حال الغصب ومن الجائز أن يبيعها المالك وقت حصول زيادة السعر فكان في الغصب من هذه الحيثية تفويت لمنفعة للمالك متعلقة بالعين فيضمنها كما يضمن أرش النقص وصاحب اليد الظالمة الغاصب حقيق بالتشديد عليه لأنه اختار لنفسه التعدي ومخالفة ما يقتضيه الشرع ويوجبه العدل وهكذا الهزال يضمنه لأنه حصل النقص به والمغصوب في يده ولو كان بغير سبب منه إذ من الجائز أن تلك العين لو كانت باقية بيد مالكها لم تهزل