كان في غنى عن ذلك وإقدامه على ما لا بصر له فيه جناية وخيانة وأما البائع قبل التسليم فقد تقدم الكلام عليه وأما المرتهن فسياتي الكلام عليه إن شاء الله وأما الغاصب فظاهر وسيأتي أيضا .
وأما قوله وإن لن يضمنوا فلكون الضمان إذا قد ثبت بالشرع لم يحتج إلى التضمين .
وأما قوله وعكسهم الخاص الخ فهؤلاء لا فرق بينهم وبين من تقدم في أول الفصل أنها تجب عليهم التأدية ولا يضمنون إلا لجناية أو تفريط وإذا ضمنوا ضمنوا لأنه قد اختاروا ذلك لأنفسهم والتراضي هو المناط في تحليل أموال العباد .
وأما قوله وإذا بريء البصير من الخطأ الخ فوجهه ظاهر فإن الإبراء يسقط ضمان المخطيء والغاصب فضلا عن المشترك لأنه قد رضي لنفسه بإسقاط ما يلزم له بالشرع وذلك سبب محلل لماله ومسوغ لغيره أن يتملكه ومبطل لضمان الجناية بخطأ البصير ولكن كون البصير يضمن ما وقع من الخطأ فيه ما فيه لأن بصره يدفع عنه معرة التضمين بما أخطأ فيه فلا يحتاج إلى إبراء .
وأما قوله لا المتعاطي والبائع قبل التسليم فغير ظاهر لأن الإبراء كما قدمنا محلل مخلص لمن عليه الضمان من الضمانة وأما ما عللوا به المنع من إبراء المتعاطي بأنه عامد فإن كان العمل الذي تعاطى فيه مما لا يستباح بالإجابة فلا بأس وأما ما عللوا به عدم صحة إبراء البائع قبل التسليم من الضمان بقولهم إنه لا يصح إسقاط ضمان الأعيان فما أبرد هذا التعليل وأبعده عن قواعد الشرع فإن مالك العين إذا طابت نفسه عنها حلت وهي باقية بعنيها فكيف لا يحل الإبراء من ضمانها وسيأتي إن شاء الله في باب الإبراء ما يدفع هذا الخيال ويبدد شمل هذا الإشكال وأما عدم صحة إبراء المتبريء من العيوب جملة فمن غرائب الرأي وساقط الاجتهاد لا سيما إذا كان المبريء ممن يعرف العيوب ويتعلقها فالإبراء من جميعها كالإبراء من كل واحد منها وأعجب من هذا وأغرب