- حديث معاذ في إسناده بقية بن الوليد وفيه مقال قال في التقريب صدوق كثير التدليس عن الضعفاء وقد صرح بالتحديث في سند هذا الحديث عن يجير وحديث ابن عباس أخرجه أبو داود قال المنذري في مختصر السنن وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي .
قوله : " وأنفق الكريمة " هي الفرس التي يغزى عليها قال في القاموس والكريمان الحج والجهاد ومنه خير الناس مؤمن بين كريمين أو معناه بين فرسين يغزوا عليهما أو بعيرين يستقي عليهما اه ويحتمل أن يكون المراد إنفاق الخصلة الكريمة عند المنفق المحبوبة إليه من غير تعيين .
قوله : " وياسر الشريك " أي سامحه وعامله باليسر ولم يعاسره .
قوله : " ونبهه " بفتح النون وسكون الموحدة أي انتباهه في سبيل الله .
قوله : " لن يرجع بالكفاف " أي لم يرجع لا عليه ولا له من ثواب تلك الغزوة وعقابها بل يرجع وقد لزمه الإثم لأن الطاعات إذا لم تقع بصلاح سريرة انقلبت معاصي والعاصي آثم .
قوله : " من أطاعني فقد أطاع الله " الخ هذا الحديث فيه دليل على أن طاعة من كان أميرا طاعة له صلى الله عليه وآله وسلم وطاعته طاعة لله وعصيانه عصيان له وعصيانه عصيان لله وقد قدمنا من الأدلة الدالة على وجوب طاعة الأئمة والأمراء في باب الصبر على جور الأئمة من آخر كتاب الحدود ما فيه كفاية فليرجع إليه .
وقد نص القرآن على ذلك فقال أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم وهي نازلة في طاعة الأمراء كما في رواية ابن عباس المذكورة في الباب .
وقد قيل أن أولي الأمر هم العلماء كما وقع في الكشاف وغيره من كتب التفسير .
قوله : " رجلا من الأنصار " روى أحمد وابن ماجه وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم من حديث أبي سعيد أن الرجل المذكور هو علقمة بن مجزز وكذا ذكر ابن إسحاق .
وقيل أنه عبد الله بن حذافة السهمي وكان من أصحاب بدر وكان فيه دعابة ويجمع بينهما بأن كل واحد منهما كان أميرا على بعض من تلك السرية ويدل على ذلك حديث أبي سعيد الذي أشرنا إليه ولفظه " بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علقمة بن مجزز على بعث أنا فيهم حتى إذا انتهينا إلى رأس غزاتنا إذ كنا ببعض الطريق إذا بطائفة من الجيش وأمر عليهم عبد الله بن حذافة السهمي وكان من أصحاب بدر وكان فيه دعابة " الحديث .
وقد بوب البخاري على هذا الحديث فقال باب سرية عبد الله بن حذافة السهمي وعلقمة بن مجزز المدلجي .
قوله : " أوقد نارا " الخ قيل أنه لم يقصد دخولهم النار حقيقة وإنما أشار بذلك إلى أن طاعة الأمير واجبة ومن ترك الواجب دخل النار فإذا شق عليكم دخول هذه النار فكيف بالنار الكبرى وكان قصده أنه لو رأى منهم الجد في ولوجها لمنعهم .
قوله : " لو دخلوها لم يخرجوا منها " قال الداودي يريد تلك النار لأنهم يموتون بتحريقها فلا يخرجون منها أحياء قال وليس المراد بالنار نار جهنم ولا أنهم يخلدون فيها لأنه قد ثبت في حديث الشفاعة أنه يخرج من النار من كان في قلبه مثقال حبة من أيمان قال وهذا من المعاريض التي فيها مندوحة يريد أنه سيق مساق الزجر والتخويف ليفهم السامع أن من فعل ذلك خلد في النار وليس ذلك مرادا وإنما أريد به الزجر والتخويف وقد ذكر له صاحب الفتح توجيهات في كتاب المغازي .
قوله : " لا طاعة في معصية الله " أي لا تجب بل تحريم على من كان قادرا على الامتناع .
وفي حديث معاذ عند أحمد لا طاعة لمن لم يطع الله . وعند البزار في حديث عمران بن حصين والحكم بن عمرو الغفاري لا طاعة في معصية الله وسنده قوي .
وفي حديث عبادة بن الصامت عند أحمد والطبراني لا طاعة لمن عصي الله ولفظ البخاري في حديث الباب " فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة " وهذا تقييد لما أطلق في الأحاديث المطلقة القاضية بطاعة أولى الأمر على العموم والقاضية بالصبر على ما يقع من الأمير مما يكره والوعيد على مفارقة الجماعة والمراد بقوله لا طاعة في معصية الله نفى الحقيقة الشرعية لا الوجودية وقوله " إنما الطاعة في المعروف " فيه بيان ما يطاع فيه من كان من أولي الأمر وهو الأمر المعروف لا ما كان منكرا والمراد بالمعروف ما كان من الأمور المعروفة في الشرع لا المعروف في العقل أو العادة لأن الحقائق الشرعية مقدمة على غيرها على ما تقرر في الأصول