- حديث سمرة قال الحافظ في بلوغ المرام أن الترمذي صححه والصواب ما قاله المصنف هنا فانا لم نجد في نسخ من الترمذي إلا لفظ حسن غريب كما قال المصنف . والزيادة التي ذكرها أبو داود والنسائي صححها الحاكم وفي اسناد الحديث ضعف لأنه من رواية الحسن عن سمرة وفي سماعه منه خلاف طويل فقال يحيى بن معين أنه لم يسمع منه شيئا .
وقال علي بن المديني إن سماعه منه صحيح كما حكى ذلك المصنف عنه وعن بعض أهل العلم أنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة المتقدم فقط وقد قدمنا الخلاف في سماعه وعدمه بما هو أطول من هذا .
وقد روى أبو دارد عن قتادة باسناد شعبة أن الحسن نسي هذا الحديث فكان يقول لا يقتل حر بعبده ( وحديث الباب ) مروى من طريق قتادة عنه . وحديث إسماعيل بن عياش رواه عن الأوزاعي كما ذكره المصنف والأوزاعي شامي دمشقي وإسماعيل قوى في الشاميين لكن دونه محمد بن عبد العزيز الشامي قال فيه أبو حاتم لم يكن عندهم بالمحمود وعنده غرائب ( وفي الباب ) عن عمر عند البيهقي وابن عدي قال " قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يقاد مملوك من مالك ولا ولد من والده " وفي اسناده عمر بن عيسى الأسلمي وهو منكر الحديث كما قال البخاري . وعن ابن عباس عند الدار قطني والبيهقي مرفوعا " لا يقتل حر بعبد " وفيه جويبر وغيره من المتروكين . وعن ابن علي قال " من السنة لا يقتل حر بعبد " ذكره صاحب التلخيص وأخرجه البيهقي .
وفي اسناده جابر الجعفي وهو ضعيف .
وأخرجه البيهقي عن علي قال " أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم برجل قتل عبده متعمدا فجلده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مائة ونفاه سنة ومحا سهمه من المسلمين ولم يقده به " وهو شاهد لحديث عمرو بن شعيب المذكور في الباب .
وأخرج البيهقي أيضا من حديث عبد الله بن عمرو في قصة زنباع لماجب عبده وجدع أنفه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " من مثل بعبده أو حرفه بالنار فهو حر وهو مولى الله ورسوله فأعتقه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يقتص من سيده " وفي اسناده المثني بن الصباح وهو ضعيف لا يحتج به وله طريق أخرى فيها الحجاج بن أرطأة وهو أيضا ضعيف . وله أيضا طريق ثالثة فيها سواد بن حمزة وليس بالقوى .
وفي سنن أبي داود من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال " جاء رجل مستصرخ إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال حادثه لي يا رسول الله فقال ويحك مالك فقال شر أبصر لسيده جارية فغار فجب مذاكيره فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علي بالرجل فطلب فلم يقدر عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اذهب فأنت حر فقال يا رسول الله على من نصرتي قال على كل مؤمن أو قال على كل مسلم " وأخرج أحمد وابن أبي شيبة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده " أن أبا بكر وعمر كانا لا يقتلان الحر بالعبد " وأخرج البيهقي عن أبي جعفر عن بكيرأنه قال " مضت السنة بأن لا يقتل الحر بالعبد وإن قتله عمدا " وكذلك أخرج عن الحسن وعطاء والزهري من قولهم ( وقد اختلف ) أهل العلم في قتل الحر بالعبد . وحكى صاحب البحر الاجماع على أنه لا يقتل السيد بعبده إلا عن النخعي وهكذا حكى الخلاف عن النخعي وبعض التابعين الرمذي وأما قتل الحر بعبد غيره فحكاه في البحر عن أبي حنيفة وأبي يوسف وحكاه صاحب الكشاف عن سعيد والشعبي والنخعي وقتادة والثوري وأبي حنيفة وأصحابه . وحكى الترمذي عن الحسن البصري عطاء بن أبي رباح وبعض أهل العلم انه ليس بين الحر والعبد قصاص لا في النفس ولا فيما دون النفس .
قال وهو قول أحمد وإسحاق وحكاه صاحب الكشاف عن عمر بن عبد العزيز والحسن وعطاء عكرمة ومالك والشافعي . وحكاه في البحر عن علي وعمر وزيد بن ثابت وابن الزبير والعترة جميعا فقال وقال بعضهم إذا قتل عبده لا يقتل به وإذا قتل عبد غيره قتل به وهو قول سفيان الثوري انتهى ( وقد احتج ) المثبتون للقصاص بين الحر والعبد بحديث سمرة المذكور وهو نص في قتل السيد بعبده ويدل بفحوى الخطابعلى أن غير السيد بالعبد بالأولى وأجاب عنه النافون أولا بالمقال الذي تقدم فيه وثانيا بالأحاديث القاضية بأنه لا يقتل حر بعبد فإنها قد رويت من طرق متعددة يقوى بعضها بعضا فتصاح للاحتجاج وثالثا بأنه خارج مخرج التحذير ورابعا بأنه منسوخ ويؤيد دعوى النسخ فتوى الحسن بخلافه وخامسا بأن النهي أرجح من غيره كما تقرر في الأصول ( والأحاديث ) المذكورة في أنه لا يقتل حر بعبد مشتملة عليه وسادسا بأنه يفهم من دليل الخطاب في قوله تعالى { الحر بالحر والعبد بالعبد } أنه لا يقتل الحر بالعبد ولا يخفى أن هذه الأجوبة يمكن مناقشة بعضها وقد عكس دعوى النسخ المثبتون فقالوا إن الآية المذكورة منسوخة بقوله تعالى { النفس بالنفس } واستدلوا أيضا بالحديث المتقدم في أول الباب عن علي " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال المؤمنون تتكافأ دماؤهم ويجاب عن الاحتجاج بالآية المذكورة أعني قوله { النفس بالنفس } بأنها حكاية لشريعة بني اسرائيل لقوله تعالى في أول الآية { وكتبنا عليهم أن النفس بالنفس } بخلاف قوله تعالى { الحر بالحر والعبد بالعبد } فإنها خطاب لأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشريعة من قبلنا إنما تلزمنا إذا لم يثبت في شرعنا ما يخالفها وقد ثبت ما هو كذلك على أنه اختلف في التعبد بشرع من قبلنا من الأصل كما ذلك معروف في كتب الأصول ثم أنا لو فرضنا أن الآيتين جميعا تشريع لهذه الأمة لكانت آية البقرة مفسرة لما أبهم في آية المائدة أو تكون آية المائدة مطلقة وآية البقرة مقيدة والمطلق يحمل على المقيد وقد أيد بعضهم عدم ثبوت القصاص بأنه لا يقتص من الحر بأطراف العبد إجماعا فكذا النفس وأيد آخر ثبوت القصاص فقال إن العنق يقارن المثلة فيكون جناية على حر في التحقيق حيث كان الجاني سيده ويجاب عن هذا بأنه إنما يتم على فرض بقاء المجني عليه بعد الجناية زمنا يمكن فيه أن يتعقب الجناية العتق ثم يتعقبه الموت لأنه لا بد من تأخر المعلول عن العلة في الذهن وإن تقارنا في الواقع وعلى فرض أن العبد يعتق بنفس المثلة لا بالمرافعة وهو محل خلاف .
وقد أجاب صاحب المنحة عن هذا الإشكال فقال إنه يتم في صورة جدعه وخصيه لا في صورة قتله انتهى . وهذا وهم لأن المراد بالمثلة في كلام المورد للتأييد هي المثلة بالعبد الموجبة لعتقه بالضرب واللطم ونحوهما لا المثلة المخصوصة التي سرى ذهن صاحب المنحة إليها وقد أورد على المستدلين بقوله تعالى { الحر بالحر والعبد بالعبد } إنه يلزم على مقتضى ذلك أن لا يقتل العبد بالحر وأجيب بأن قتل العبد بالحر مجمع عليه فلا يلزم التساوي بينهما في ذلك . وأورد أيضا بأنه يلزم أن لا يقتل الذكر بالأنثى ولا الأنثى بالذكر وسيأتي الجواب عن ذلك