- حديث أبي هريرة قال الترمذي بعد أن قال إنه حسن إنه قد روي عن أبي هريرة من غير وجه مرفوعا .
قوله : " معاهدا " المعاهد هو الرجل من أهل دار الحرب يدخل إلى دار الإسلام بأمان فيحرم على المسلمين قتله بلا خلاف بين أهل الإسلام حتى يرجع إلى مأمنه ويدل على ذلك قوله تعالى { وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه } .
قوله : " لم يرح رائحة الجنة " بفتح الأول من يرح وأصله راح الشيء أي وجد ريحه ولم يرحه أي لم يجد ريحه ورائحة الجنة نسميها الطيب وهذا كناية عن عدم دخول من قتل معاهدا الجنة لأنه إذا لم يشم نسيمها وهو يوجد من مسيرة أربعين عاما لم يخلها قوله " فقد أخفر ذمة الله " بالخاء والفاء والراء أي نقض عهده وغدر ( والحديثان ) اشتملا على تشديد الوعيد على قاتل المعاهد لدلالتهما على تخليده في النار وعدم خروجه عنها وتحريم الجنة عليه مع أنه قد وقع الخلاف بين أهل العلم في قاتل المسلم هل يخلد فيها أم يخرج عنها فمن قال أنه يخلد تمسك بقوله تعالى { ومن يقتل مؤمنا فجزاؤه جهنم خالدا فيها } الآية ومن قال بعدم خليده على الدوام قال الخلود في اللغة اللبث الطويل ولا يدل على الدوام وسيأتي الكلام عليه وأما قاتل المعاهد فالحديثان مصرحان بأنه لا يجد رائحة الجنة وذلك مستلزم لعدم دخولها أبدا وهذان الحديثان وأمثالهما ينبغي أن يخصص بهما عموم الأحاديث القاضية بخروج الموحدين من النار ودخولهم الجنة بعد ذلك .
وقال في الفتح أن المراد بهذا النفي إن كان عاما التخصيص بزمان ما لتعاضد الأدلة العقلية والنقلية أن من مات مسلما وكان من أهل الكبائر فهو محكوم بإسلامة غير مخلد في النار ومآله إلى الجنة ولو عذب قبل ذلك انتهى .
وقد ثبت في الترمذي من حديث أبي هريرة بلفظ " سبعين خريفا " ومثله روى أحمد عن رجل من الصحابة وفي رواية للطبراني من حديث أبي هريرة بلفظ " مائة عام " وفي أخرى له عن أبي بكرة بلفظ " خمسمائة عام " ومثله في الموطأ .
وفي رواية في مسند الفردوس من حديث جابر بلفظ " ألف عام " وقد جمع صاحب الفتح بين هذه الأحاديث