5 - وعن أم كلثوم بنت أبي سلمة قالت " لما تزوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم أم سلمة قال لها إني قد أهديت إلى النجاشي حلة وألقي من مسك ولا ارى النجاشي إلا قد مات ولا أرى هديتي إلا مردودة فإن ردت علي فهيلك قالت وكان كمل قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وردت عليه هديته فأعطى كل إمرأة من نسائه أوقية مسك وأعطى أن سلمة بقية المسك والحلة " .
- رواه أحمد .
حديث خالد بني عدي قد تقدم في باب ما جاء في الفقير والمسكين من كتاب الزكاة وأعاده المصنف ههنا للاستدلال به على أن الهدية تفتقر إلى القبول لقوله فيه فليقبله . وحديث عبد الله بن بسر أخرجه أيضا الطبراني في الكبير قال في مجمع الزوائد ورجالهما يعني أحمد والطبراني رجال الصحيح وله حديث آخر أخرجه الطبراني في الكبير وفي إسناده الحكم بن الوليد ذكره ابن عدي في الكامل وذكر له هذا الحديث وقال لا أعرف هذا عن عبد الله بن بسر إلا الحكم هكذا هذا معنى كلامه قال في مجمع الزوائد وبقية رجاله ثقات . وحديث أم كلثوم أخرجه أيضا الطبراني وفي إسناده مسلم بن خالد الزنجي وثقه ابن معين وغيره وضعفه جماعة . وفي إسناده أيضا أم موسى بنت عقبة قال في مجمع الزوائد لا أعرفها وبقية رجاله رجال الصحيح . قوله في حديث خالد فليقبله فيه الأمر بقبول الهدية والهبة ونحوهما من الأخ في الدين لأخيه والنهي عن الرد لما في ذلك من جلب الوحشة وتنافر الخواطر فإن التهادي من الأسباب المؤثرة للمحبة لما أخرجه البخاري في الأدب المفرد والبيهقي وابن طاهر في مسند الشهاب من حديث محمد بن بكير عن ضمام بن إسماعيل عن موسى بن وردان عن أبي هريرة عنه صلى الله عليه وآله وسلم " تهادوا تحابوا " قال الحافظ وإسناده حسن وقد اختلف فيه على ضمام فقيل عنه عن أبي قبيل عن عبد الله بن عمر أورده ابن طاهر ورواه في مسند الشهاب من حديث عائشة بلفظ " تهادوا تزادوا حبا " وفي إسناده محمد بن سليمان قال ابن طاهر لا أعرفه وأورده أيضا من وجه آخر عن أم حكيم بنت وداع الخزاعية وقال اسناده غريب وليس بحجة وروى مالك في الموطأ عن عطاء الخراساني رفعه " تصافحوا يذهب الغل وتهادوا وتحابوا وتذهب الشحناء " وفي الأوسط للطبراني من حديث عائشة " تهادوا تحابوا وهاجروا تورثوا أولادكم مجدا واقيلوا الكرام عثراتكم " قال الحافظ وفي إسناده نظر وأخرج في الشهاب عن عائشة " تهادوا فإن الهدية تذهب الضغائن " ومداره على محمد بن عبد النور عن أبي يوسف الأعشى عن هشام عن أبيه عنها والراوي له عن محمد هو أحمد بن الحسن المقري قال الدارقطني ليس بثقة وقال ابن طاهر لا أصل له عن هشام ورواه ابن حبان في الضعفاء من طريق بكر بن بكار عن عائذ بن شريح عن أنس بلفظ " تهادوا فإن الهدية قلت أو كثرت تذهب السخيمة " وضعفه بعائذ قال ابن طاهر تفرد به عائذ وقد رواه عنه جماعة قال ورواه كوثر بن حكيم عن مكحول عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مرسلا وكوثر متروك وروى الترمذي من حديث أبي هريرة " تهادوا فإن الهدية تذهب وحر الصدر " وفي إسناده أبو معشر المدني تفرد به وهو ضعيف ورواه ابن طاهر في أحاديث الشهاب من طريق عصمة بن مالك بلفظ " الهدية تذهب بالسمع والبصر " ورواه ابن حبان في الضعفاء من حديث ابن عمر بلفظ " تهادوا فإن الهدية تذهب الغل " رواه محمد ابن غيزغة وقال لا يجوز الأحتجاج به قال في البخاري منكر الحديث وروى أبو موسى المديني في الذيل في ترجمة زعبل بالزاي والعين المهملة والباء الموحدة يرفعه " تزاوروا وتهادوا فإن الزيارة تثبت الوداد والهدية تذهب السخيمة " قال الحافظ وهو مرسل وليس لزعبل صحبة : قوله " فإنما هو رزق ساقه الله إليه " فيه دليل على أن الأشياء الواصلة إلى العباد على أيدي بعضهم هي من الأرزاق الألهية لمن وصلت إليه وإنما جعلها الله جارية على أيدي العباد لاثابة من جعلها على يده فالمحمود على جميع ما كان من هذا القبيل هو الله تعالى : قوله " تطرفه اياه " بالطاء المهملة والراء بعدها فاء . قال في القاموس الطرفة بالضم : الاسم من الطريف والطارف والمطرف للمال المستحدث . قال والغريب من الثمر وغيره .
قوله " فيقبلها " فيه دليل على اعتبار القبول ولأجل ذلك ذكره المصنف وكذلك حديث أم كلثوم فيه دليل على أيضا على اعتبار القبول لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما قبض الهدية التي بعث بها إلى النجاشي بعد رجوعها دل ذلك على أن الهدية لا تملك بمجرد الأهداء بل لابد من القبول ولوكانت ثملك بمجرد ذلك لما قبضها صلى الله عليه وآله وسلم لأنها قد صارت ملكا للنجاشي عند بعثه صلى الله عليه وآله وسلم بها فإذا مات بعد ذلك وقبل وصولها إليه صارت لورثته وإلى اعتبار القبول في الهبة ذهب الشافعي ومالك والناصر والهادوية والمؤيد بالله في أحد قوليه وذهب بعض الحنفية والمؤيد بالله في أحد قوليه إلى أن الأيجاب كاف وقد تمسك بحديث أم كلثوم أحمد وإسحاق فقالا في الهدية التي مات من أهديت إليه قبل وصولها إن كان حاملها رسول المهدي رجعت إليه وإن كان حاملها رسول المهدي إليه فهي لورثته وذهب الجمهور إلى أن الهدية لا تنتقل إلى المهدى إليه الا بأن يقبضها هو أو وكيله . وقال الحسن أيهما مات فهي لورثة المهدى له إذا قبضها الرسول . قال ابن بطال وقول مالك كقول الحسن . وروى البخاري عن أبي عبيدة تفصيلا بين أن تكون الهدية قد انفصلت أم لا مصيرا منه إلى أن قبض الرسول يقوم مقام قبض المهدى إليه . وحديث أم كلثوم هذا أخرجه أيضا الطبراني والحاكم وحسن صاحب الفتح إسناده : قوله " ولا أرى النجاشي الا قد مات " قد سبق في صلاة الجنازة ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أعلم أصحابه بموت النجاشي على جهة الجزم وصلى هو وهم عليه وتقدم أنه رفع له نعشه حتى شاهده وكل ذلك يخالف ما وقع من تظننه صلى الله عليه وآله وسلم في هذه الرواية