- حديث سمرة أخرجه أيضا أبو داود قال في الفتح وإسناده حسن وهو من رواية الحسن البصري عنه وفي سماعه منه خلاف معروف قد قدمنا الكلام فيه ولكنه يشهد لصحته حديث أبي هريرة المذكور بعده ويشهد لصحته أيضا ما أخرجه الشافعي وأبو داود وابن ماجه والحاكم وصححه عن أبي هريرة أنه قال في مفلس أتوه به " لاقضين فيكم بقضاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أفلس أ .
مات فوجد الرجل متاعه بعينه فهو أحق به " وفي إسناده أبو المعتمر . قال أبو داود الطحاوي وابن المنذر وهو مجهول ولم يذكر له ابن أبي حاتم إلا راويا واحدا وذكره ابن حبان في الثقات وهو للدارقطني والبيهقي من طريق أبي داود الطيالسي عن ابن أبي ذئب . وحديث أبي بكر بن عبد الرحمن هو مرسل كما ذكره المصنف لأن أبا بكر تابعي لم يدرك النبي صلى الله عليه وآله وسلم . ووصله أبو داود من طريق أخرى فقال عن أبي بكر المذكور عن أبي هريرة وهي ضعيفة كما قال المصنف وذلك لأن فيها اسمعيل ابن عياش وهو ضعيف غذ روى عن غير أهل الشام ولكنه ههنا روى عن الحرث الزبيدي وهو شامي قال الحافظ وقد اختلف على اسمعيل فأخرجه ابن الجارود من وجه عنه عن موسى بن عقبة عن الزهري موصولا . وقال الشافعي حديث أبي المعتمر أولى من هذا وهذا منقطع . وقال البيهقي لا يصح وصله ووصله عبد الرزاق في مصنفه . وذكر ابن حزم أن عراك بن مالك رواه أيضا عن أبي هريرة في غرائب مالك . وفي التمهيد أن بعض أصحاب مالك وصله . قال أبو داود والمرسل أصح وقد روى الشيخان بلفظ " من أدرك مال [ ماله ؟ ؟ ] بعينه عند رجل قد أفلس أو إنسان قد أفلس فهو أحق من غيره ووصله ابن حبان والدارقطني وغيرهما من طريق الثوري عن أبي بكر عن أبي هريرة بنحو لفظ الشيخين : قوله " بعينه " فيه دليل على أن شرط الاستحقاق أن يكون المال باقيا بعينه لم يتغير ولم يتبدل فإن تغيرت العين في ذاتها بالنقص مثلا أو في صفة من صفاتها فهي أسوة للغرماء ويؤيد ذلك قوله في الرواية الثانية ولم يفرقه وذهب الشافعي والهادوية إلى أن البائع أولى بالعين بعد التغير والنقص : قوله " فهو أحق به " أي من غيره كائن من كان وارثا أو غريما وبهذا قال الجمهور .
وخالفت الحنفية في ذلك فقالوا لا يكون البائع أحق بالعين المبيعة التي في يد المفلس وتأولوا الحديث بأنه خبر واحد مخالف للأصول لأن السلعة صارت بالبيع ملكا للمشتري ومن ضمانه واستحقاق البائع أخذها منه نقض لملكه وحملوا الحديث على صورة وهي ماذا كان المتاع وديعة أو عارية أو لقطة .
وتعقب بأنه لو كان كذلك لم يقيد بالأفلاس ولا جعل أحق بها لما تقتضيه صيغة أفعل من الأشتراك وأيضا يرد ما ذهبوا إليه قوله في حديث أبي بكر " أيما رجل باع متاعا " فإن فيه التصريح بالبيع وهو نص في محل النزاع وقد أخرجه أيضا سفيان في جامعه وابن حسان وابن خزيمة عن أبي بكر عن أبي هريرة بلفظ " إذا ابتاع رجل سلعة ثم أفلس وهي عنده بعينها " وفي لفظ لابن حبان " إذا أفلس الرجل فوجد البائع سلعته " وفي لفظ لمسلم والنسائي " أنه لصاحبه الذي باعه " كما ذكر المصنف وعند عبد الرزاق بلفظ " من باع سلعة من رجل " قال الحافظ فظهر بهذا أن الحديث وارد في صورة البيع ويلتحق به القرض وسائر ما ذكر يعني من العانية والوديعة بالأولى والأعتذار بأن الحديث خبر واحد مردود بأنه مشهور من غير وجه من ذلك ما تقدم عن سمرة وأبي هريرة وأبي بكر بن عبد الرحمن ومن ذلك ما أخرجه ابن حبان بإسناد صحيح عن ابن عمر مرفوعا بنحو أحاديث الباب وقد قضى به عثمان كما رواه البخاري والبيهقي عنه حتى قال ابن المنذر لا نعرف لعثمان مخالفا في الصحابة والاعتذار بأنه مخالف للأصول اعتذار فاسد لما عرفناك من أن السنة الصحيحة هي من جملة الأصول فلا يترك العمل بها إلا لما هو أنهض ولم يرد في المقام ما هو كذلك وعلى تسليم أنه ورد ما يدل على أن السلعة تصير بالبيع ملكا للمشتري فما ورد في الباب أخص مطلقا فيبنى العام على الخاص وحمل بعض الحنفية الحديث على ما [ ؟ ؟ ] إذا أفلس المشتري قبل أن يقبض السلعة وتعقب بقوله في حديث سمرة عند مفلس . وبقوله في حديث أبي هريرة عند رجل . وفي لفظ لابن حبان ثم أفلس وهي عنده وللبيهقي " إذا افلس الرجل وعنده متاع " وقال جماعة إن هذا الحكم أعني كةن البائع أولى بالسلعة التي بقيت في يد المفلس مختص بالبيع دون القرض . وذهب الشافعي وآخرون إلى أن المقرض أولى من غيره واحتج الأولون بالروايات المتقدمة المصرحة بالبيع قالوا فتحمل الروايات المطلقة عليها ولكنه لا يخفى أن التصريح بالبيع لا يصلح لتقييد الروايات المطلقة لأنه إنما يدل على أن غير البيع بخلافه بمفهوم اللقب وما كان كذلك لا يصح للتقييد إلا على قول أبي ثور كما تقرر في الأصول وربما يقال أن المصرح به هنا هو الوصف فلا يكون من مفهوم اللقب . قوله " ولم يكن أقتضي من ماله شيئا " فيه دليل لما ذهب إليه الجمهور من أن المشتري إذا كان قد قضى بعض الثمن لم يكن البائع أولى بما لم يسلم المشتري ثمنه من المبيع بل يكون أسوة الغرماء .
وقال الشافعي والهادوية إن البائع أولى به والحديث يرد عليهم : قوله " وإن مات المشتري " الخ فيه دليل على أن المشتري إذا مات والسلعة التي لم يسلم المشتري ثمنها باقية لا يكون البائع أولى بها بل يكون اسوة الغرماء وإلى ذلك ذهب مالك وأحمد . وقال الشافعي البائع أولى بها واحتج بقوله في حديث أبي هريرة الذي ذكرناه من أفلس أو مات الخ ورجحه الشافعي على المرسل المذكور في الباب قال ويحتمل أن يكون آخره من رأي أبي بكر بن عبد الرحمن لأن الذين وصلوه عنه لم يذكروا قضية الموت وكذلك الذين رووه عن أبي هريرة غيره لم يذكروا ذلك بل صرح بعضهم عن أبي هريرة بالتسوية بين الإفلاس والموت كما ذكرنا قال في الفتح فتعين المصير إليه لأنها زيادة مقبولة من ثقة قال وجزم ابن العربي بأن الزيادة التي في مرسل مالك من قول الراوي وجمع الشافعي أيضا بين الحديثين بحمل مرسل أبي بكر على ما إذا مات مليئا وحمل حديث أبي هريرة على ما إذ مات مفلسا وقد استدل بقوله في حديث أبي هريرة " أو مات " على أن صاحب السلعة أولى بها ولو أراد الورثة أن يعطوه ثمنها لم يكن لهم ذلك ولا يلزمه القبول وبه قال الشافعي وأحمد . وقال مالك يلزمه القبول وقالت الهادوية إن الميت إذا خلف الوفاء لم يكن البائع أولى بالسلعة وهو خلاف الظاهر لأن الحديث يدل على أن الموت من موجبات استحقاق البائع للسلعة ويؤيد ذلك عطفه على الإفلاس . واستدل بأحاديث الباب على حلول الدين المؤجل بالإفلاس . قال في الفتح من حيث أن صاحب الدين أدرك متاعه بعينه فيكون أحق به ومن لوازم ذلك أنها تجوز له المطالبة بالمؤجل وهو قول الجمهور لكن الراجح عند الشافعية أن المؤجل لا يحل بذلك لأن الأجل حق مقصود له فلا يفوت وهو قول الهادوية . واستدل أيضا بأحاديث الباب على أن لصاحب المتاع أن يأخذه من غير حكم حاكم قال في الفتح وهو الأصح من قول العلماء وقيل يتوقف على الحكم