- وفي الباب عن أبي هريرة وابن الزبير بألفاظ مختلفة .
قوله ( أطول الناس أعناقا ) هو بفتح الهمزة جمع عنق واختلف السلف والخلف في معناه فقيل معناه أكثر الناس تشوفا إلى رحمة الله لأن المتشوف يطيل عنقه لما يتطلع إليه فمعناه كثرة ما يرونه من الثواب وقال النضر بن شميل : إذا ألجم الناس العرق يوم القيامة طالت أعناقهم لئلا ينالهم ذلك الكرب والعرق . وقيل معناه أنهم سادة ورؤساء والعرب تصف السادة بطول العنق . وقيل معناه أكثر إتباعا وقال ابن الأعرابي : أكثر الناس أعمالا قال القاضي عياض وغيره : [ ص 12 ] وروى بعضهم إعناقا بكسر الهمزة أي إسراعا إلى الجنة وهو من سير العنق قال ابن أبي داود : سمعت أبي يقول : معناه أن الناس يعطشون يوم القيامة فإذا عطش الإنسان انطوت عنقه والمؤذنون لا يعطشون فأعناقهم قائمة . وفي صحيح ابن حبان من حديث أبي هريرة : ( يعرفون بطول أعناقهم يوم القيامة ) زاد السراج لقولهم ( لا إله إلا الله ) وظاهره الطول الحقيقي فلا يجوز المصير إلى التفسير بغيره إلا لملجئ .
والحديث يدل على فضيلة الأذان وأن صاحبه يوم القيامة يمتاز عن غيره ولكن إذا كان فاعله غير متخذ أجرا عليه وإلا كان فعله لذلك من طلب الدنيا والسعي للمعاش وليس من أعمال الآخرة . وقد استدل بهذا الحديث من قال إن الأذان أفضل من الإمامة وهو نص الشافعي في الأم وقول أكثر أصحابه . وذهب بعض أصحابه إلى أن الإمامة أفضل وهو نص الشافعي أيضا قاله النووي . وبعضهم ذهب إلى أنهما سواء وبعضهم إلى أنه إن علم من نفسه القيام بحقوق الإمامة وجمع خصالها فهي أفضل وإلا فالأذان قاله أبو علي وأبو القاسم بن كج والمسعودي والقاضي حسين من أصحاب الشافعي .
واختلف في الجمع بين الأذان والإمامة فقال جماعة من أصحاب الشافعي : إنه يستحب أن لا يفعله . وقال بعضهم : يكره وقال محققوهم وأكثرهم : لا بأس به بل يستحب . قال النووي : وهذا أصح وفي البيهقي مرفوعا من حديث جابر النهي عن ذلك قال الحافظ : لكن سنده ضعيف