باب في الصلح والمرافق وإحياء الموات .
والصلح ضربان : معاوضة كالبيع فحكمه حكم البيع فيما يجوز فيه ويمتنع وإسقاط وإبراء ويجوز على الإقرار والإنكار .
وافتداء اليمين بشئ يبذله من لزمته جائز وإن علم المبذول له أنه مطالب بغير حق لم يحل له أخذه .
وإحياء الموات على ضربين : منهما ما يفتقر إلى إذن الإمام وهو ما كان بقرب العمران بحيث تقع المشاحة ولا تؤمن الخصومة فيها ومنها ما لا يفتقر إلى ذلك وهو ما كان في فيافي الأرض وفلوائها وإحياؤها ما يعلم بالعادة أنه إحياء لمثله من بناء وغراس وحفر بئر وإجراء ماء وغير ذلك من أنواع العمارة وذلك فيما لم يتقدم عليه ملك .
وفيما أحيي ثم خرب ودثر فهو لمن أحياه ثانية وليس لحريم البئر حد إلا الاجتهاد وذلك يختلف باختلاف مواضع الأرض من الصلابة والرخاوة .
ومن أراد أن يحفر بئرا في ملك نفسه ويخاف منه الإضرار بجاره لم يكن له ذلك وقيل : إن كان له مندوحة عنه فليس له ذلك وإن لم يكن له مندوحة عنه فله ذلك .
ومن حفر بئرا في ملكه فإن البئر مع الأرض ملك له وله منع الناس منها كسائر أملاكه إلا بعوض إلا أن تنهار بئر جاره وله زرع زرعه على أصل ماء ويخاف عليه التلف فيلزمه أن يدخل له فضل مائه ما دام متشاغلا بإصلاح بئره .
ومن حفر بئرا في بادية فهو أحق بقدر كفايته ثم يكون ما فضل عن ذلك للمسلمين ليس له منعه .
ويستحب لمن سأله جاره أن يغرز خشبة في جداره ألا يمنعه ذلك فإن أبي وشدد لم يحكم عليه فإن أذن له ثم طالبه بالقلم لم يكن له ذلك إلا أن تدعوه الضرورة حاجة إليه .
وللرجل أن يفتح في جداره المنفرد بملكه كوة للضوء إذا لم يتطرف بذلك إلى الإشراف على جاره فيمنع حينئذ .
وإذا كان علو الدار لرجل وسفلها للآخر فتنازعا السقف حكم به لصاحب السفلى وكان عليه إصلاحه ولم لشعثه وبناؤه إن انهدم ولصاحب العلو حق الجلوس عليه وإن كان فوقه غرفة ثانية فسقفها لصاحب الغرفة الأولى وسقف كل بيت تابع في الملك لسفله .
وإذا تنازعا جدارا بين دارين حكم به لمن يشهد له العرف بأن له فيه من التصرف ما يفعله الملاك في أملاكهم من الرباط ومعاقد القمط ووجوه الآجر واللبن وما أشبه ذلك .
وليس لأحد الشريكين في الحائط أن يتصرف فيه إلا بإذن شريكه .
ومن له حق في إجراء مائه على سطح غيره فنفقة السطح على صاحبه وإذا خيف على المركب الغرق جاز طرح بعض ما فيه من المتاع أذن أربابها أو لم يأذنوا إذا رجي بذلك نجاته وكان المطروح بينهم على قدر أموالهم وإذا اصطدم مركبان في جريهما فانكسرا أو أحدهما فلا ضمان في ذلك