( تابع . . . 2 ) : قال : Bه اعلم أن الجمعة فريضة بالكتاب والسنة أما الكتاب .
ولما أتى الحجاج " العراق " صعد المنبر فقال الحمد لله فارتج عليه فقال يا أيها الناس قد هالني كثرة رؤوسكم وإحداقكم إلي بأعينكم وإني لا أجمع عليكم بين الشح والعي إن لي نعما في بني فلان فإذا قضيتم الصلاة فانتهبوها ونزل وصلى معه من بقي من الصحابة " كابن عمر " و " أنس ابن مالك " Bهما ولأن المنصوص عليه الذكر قال الله تعالى : " فاسعوا إلى ذكر الله " الجمعة : 9 وقد بينا أن الذكر بها ثبت بالنص والذكر يحصل بقوله الحمد لله فما زاد عليه شرط الكمال لا شرط الجواز وهو نظير ما قال " أبو حنيفة " إن فرض القراءة يتأدى بآية واحدة ثم قوله الحمد لله كلمة وجيزة تحتها معان جمة تشتمل على قدر الخطبة وزيادة والمتكلم بقوله الحمد لله كالذاكر لذلك كله فيكون ذلك خطبة لكنها وجيزة وقصر الخطبة مندوب إليه جاء عن " عمر " Bه قال : طولوا الصلاة وقصروا الخطبة وقال " ابن مسعود " Bه طول الصلاة وقصر الخطبة من فقه الرجل إلا أن الشرط عند " أبي حنيفة " Bه أن يكون قوله الحمد لله على قصد الخطبة حتى إذا عطس وقال الحمد لله يريد به الحمد على عطاسه لا ينوب عن الخطبة هكذا نقل عنه مفسرا في الأمالي . قال : والأذان إذا صعد الإمام المنبر فإذا نزل أقام الصلاة بعد فراغه من الخطبة هكذا كان على عهد رسول الله A والخليفتين من بعده إلى أن أحدث الناس الأذان على " الزوراء " على عهد " عثمان " Bه وقد بينا ذلك في باب الأذان قال : رجل ذكر في الجمعة أن عليه الفجر فهذا على ثلاثة أوجه أحدها : أنه لا يخاف فوت الجمعة لو اشتغل بالفجر فعليه أن يقطع الجمعة ويبدأ بالفجر ثم بالجمعة لمراعاة الترتيب فإنه واجب عندنا .
والثاني : أن يخاف فوت الوقت لو اشتغل بالفجر فهذا يتم الجمعة لأن الترتيب عنه ساقط بضيق الوقت .
والثالث : أن يخاف فوت الجمعة دون الوقت لو اشتغل بالفجر فهذا في قول " أبي حنيفة " و " أبي يوسف " رحمهما الله تعالى نظير الفصل الأول يلزمه مراعاة الترتيب وعند " محمد " C تعالى نظير الفصل الثاني لأن شروعه في الجمعة قد صح وهو يخاف فوتها لو اشتغل بالفجر فلا يلزمه مراعاة الترتيب كما لو تذكر العشاء في خلال الفجر وهو يخاف طلوع الشمس لو اشتغل بالعشاء بل أولى فإن هناك لا يفوته أصل الصلاة إنما يفوته الأداء في الوقت وههنا .
صفحة [ 32 ] يفوته أصل الصلاة و " أبو حنيفة " و " أبو يوسف " رحمهما الله تعالى قالا الجمعة في هذا اليوم كالظهر في سائر الأيام فكما أنه لو تذكر الفجر في خلال الظهر وهو يخاف فوت الجماعة دون الوقت يلزمه مراعاة الترتيب فكذلك ههنا وهذا لأن أصل فرض الوقت لا يفوته وقد بينا أنها كالظهر وهو يتمكن من أدائها في الوقت مع مراعاة الترتيب بخلاف ما إذا كان يخاف فوت الوقت قال : رجل زحمه الناس يوم الجمعة فلم يستطع أن يسجد فوقف حتى سلم الإمام فهذا واللاحق سواء يمضي في صلاته بغير قراءة لأنه أدرك أولها فكان مقتديا في الإتمام ولا قراءة عليه كالذي نام أو سبقه الحدث فإن لم يقم في الركعة الثانية مقدار قراءة الإمام ولكنه كما استتم قائما ركع أجزأه لأن الركن أصل القيام في كل ركعة لا امتداده ألا ترى أن الإمام في سائر الصلوات لو لم يطول القيام في الشفع الثاني أجزأه لأنه لا قراءة فيهما فهذا مثله قال : ولا يجزئه التيمم في الجمعة وإن خاف فوتها لأنها تفوت إلى خلف وهو الظهر وقد بينا هذا في باب التيمم قال : مريض لا يستطيع أن يشهد الجمعة فصلى الظهر في بيته بأذان وإقامة فهو حسن لأن هذا اليوم في حقه كسائر الأيام إذ ليس عليه شهود الجمعة فيه قال : ومن صلى الظهر لمرض أو سفر أو بغير عذر ثم صلى الجمعة مع الإمام فالجمعة هي الفريضة عندنا وقال " زفر " C تعالى إن كان مريضا أو مسافرا ففرضه الظهر وإن لم يكن له عذر ففرضه الجمعة ولا يجزئه الظهر قبل فراغ الإمام من الجمعة فالكلام في فصلين : .
أحدهما : في المعذور وجه قول " زفر " C تعالى أن هذا اليوم في حقه كسائر الأيام وفي سائر الأيام لو صلى الظهر في بيته ثم أدرك الجماعة كان فرضه ما أدى في بيته فكذلك هنا .
ولكنا نقول : الجمعة أقوى من الظهر ولا يظهر الضعيف في مقابلة القوى وإنما فارق المريض الصحيح في الترخص بترك السعي إلى الجمعة فإذا شهدها فهو والصحيح سواء فيكون فرضه الجمعة .
والفصل الثاني :