( تابع . . . 1 ) : - 2 قوله سبب نبت هكذا في نسخة وفي نسخة أخرى بنت سبب فليحرر وقوله .
صفحة [ 169 ] الحول و انوي كان حديث النفس و قال A ان الله تجاوز لأمتي عما حدثوا به أنفسهم مالم يعملوا أو يتكلموا ثم الاستعمال فعل و ذلك لا يحصل بالنية ما لم يفعل ألا ترى أن من نوى في عبد الخدمة أن يكون للتجارة لا يصير للتجارة ما لم يتجر فيه بخلاف ما إذا كان للتجارة فنواه للخدمة لأنه نوى ترك التجارة و هو تارك لها فاقترنت النية بالعمل و هو نظير الكافر ينوى الإسلام لا يصير مسلما ما لم يأت لكلمة الشهادة و المسلم لو نوى أن يكفر و العياذ بالله صار كافرا بنيته ترك الإسلام { قال } رجل له عشر من الإبل السائمة فحل عليها حولان فعليه للسنة الأولى شاتان و للسنة الثانية شاة و لم يبين في الكتاب أنه هل يأثم بما صنع فكان أبو الحسن الكرخي C تعالى يقول هو آثم بتأخير الأداء بعد الوجوب و هكذا ذكره في المنتقى . و روى عن " محمد " C تعالى أنه قال من آخر أداء الزكاة من غير عذر لم تقبل شهادته و فرق " محمد " C تعالى أنه قال من أخر أداء الزكاة من غير عذر لم تقبل شهادته و فرق " محمد " C تعالى على مذهبه بين الزكاة و الحج فقال في الزكاة حق الفقراء و في تأخير الأداء اضرار بهم و لا يسعه ذلك بخلاف الحد و كان أبو عبد الله البلخي يقول يسعه التأخير في الزكاة لأن الأمر به مطلق عن الوقت و هكذا رواه هشام عن " أبي يوسف " C تعالى و فرق على قوله بين الزكاة و بين الحج و قال أداء الحج يختص بوقت و في التأخير عنه تفويت لأنه لا يدري هل يبقى إلى السنة الثانية أم لا و ليس في تأخير الزكاة تفويت فكل وقت صالح لأدائها ثم في السنة الأولى وجب عليه شاتان فانتقص بقدرهما من العشر فلا يلزمه في الثانية إلا شاة و هذا عندنا وعلى قول " زفر " C تعالى يلزمه شاتان للسنة الثانية فان دين الزكاة عنده لا يمنع وجوب الزكاة قال لأنه دين وجب لله تعالى كالنذور و الكفارات و الفقه فيه أنه ليس بدين على الحقيقة حتى يسقط بموته قبل الأداء . و كان " البلخي " يفرق على أصل " زفر " C تعالى بين دين الزكاة عن الأموال الظاهرة و الباطنة فقال في الأموال الظاهرة للساعي حق المطالبة بها فكان نظير دين العباد بخلاف الأموال الباطنة و قيل ل " أبي يوسف " C تعالى ما حجتك على " زفر " C تعالى فقال ما حجتي على رجل يوجب في مائتي درهم أبعمائة درهم و مراده إذا ملك مائتي درهم فحال عليها ثمانون حولا . ثم دين الزكاة عن الأموال الباطنة بمنزلته عن الأموال الظاهرة فان المصدق كان يأخذ منها في عهد رسول الله A و الخليفتين من بعده Bهما حتى فوض عثمان Bه الاداء إلى أرباب الأموال لما خاف المشقة .
صفحة [ 170 ] و الحرج في تفتيش الأموال عليهم من سعاة السوء فكان ذلك توكيلا منه لصاحب المال بالاداء فنفذ توكيله لأنه كان عن نظر صحيح و قد تثبت المطالبة به للمصدق اذا مر بالمال عليه في سفره فلهذا منع وجوب الزكاة و عن " أبي يوسف " C أن دين الزكان عن المال القائم يمنع وجوب الزكاة و عن المال المستهلك لا يمنع وجوب الزكاة لأن المال القائم يتصوران يمر به على العاشر حتى يثبت له حق الأخذ بخلاف المستهلك { قال } و ان كانت الابل خمسا و عشرين فعليه للحول الأول بنت مخاض و للحول الثاني أربع شياه لما بينا { قال } رجل له أربع و عشرون فصيلا و ناقة مسنة فعليه فيها بنت مخاض لأن الصغار تبع للمسنة تعد معها كما " قال A و تعد صغارها و كبارها " و هذا لأن ما هو الواجب موجود في ماله فاذا أوجبنا لم يخرج الواجب من أن يكون جزأ من النصاب بخلاف ما إذا كان الكل صغارا . فان كان له خمس و سبعون فصيلا و ناقة مسنة فعلى قول " أبي حنيفة " و محمحد رحمهما الله تعالى لا يجب الا تلك الواحدة لأن الوجوب باعتبارها و عند " أبي يوسف " C تعالى يجب تلك الواحدة مع فصيل لأنه يوجب في الصغار منها و قد بينا هذا { قال } رجل له ابل سائمة قد اشتراها للتجارة فعليه فيها زكاة التجارة عندنا . و قال " الشافعي " C تعالى فيها زكاة السائمة إلا أن لا يكون نصاب السائمة تاما فحينئذ عليه زكاة التجارة إذا كانت القيمة نصابا و لاخلاف في أنه لا تلزمه الزكاتان جميعا لأن وجوب كل واحد منهما باعتبار صفة المالية ثم قال " الشافعي " C تعالى زكاة السائمة أقوى لأن وجوبها باتفاق الأمة والنصوص الظاهرة و الضعيف لا يعارض القوى فاذا أمكن ايجاب زكاة السائمة لا تظهر زكاة التجارة وفي ترجيح زكاة السائمة منفعة للفقراء لأن الساعي يأخذها و زكاة التجارة مفوض أداؤها إلى من وجبت عليه و ربما لا يؤدى و علماؤنا رحمهم الله تعالى قالوا أن بنية التجارة ينعدم ما هو مال التجارة صورة و معنى فترجح زكاة التجارة لهذا و حق الأخذ ثابت للساعي سواء أوجب فيها زكاة السائمة أو زكاة التجارة فانه مال ظاهر يحتاج صاحبه إلى حماية الامام و ثبوت حق الأخذ باعتبار الحاجة إلى الحماية بخلاف سائر أموال التجارة حتى إذا احتاج إلى الحماية فيها بالمرور على العاشر كان له أن يأخذ الزكاة منها .
صفحة [ 171 ] { قال } وان كانت السائمة بين رجل مسلم عاقل و بين صبي أو مجنون أو كافر فعلى الرجل المسلم العاقل زكاة نصيبه لو بلغ نصابا و لا شيء على الآخر لما بينا أن حالة الاختلاط معتبرة بحالة الانفراد { قال } و اذا ذهب العدو بالسائمة أو غصبها غاصب ثم رجعت إلى صاحبها بعد سنين فلا زكاة عليه لما مضى عندنا . و قال " زفر " C تعالى كذلك في الذي ذهب بها العدو لأنهم ملكوها بالاحراز و في المغصوب المجحود تلزمه الزكاة لما مضى اذا وصلت إلى يده . و قال " الشافعي " C تعالى يلزمه فيها الزكاة لما مضي إذا وصلت إلى يده بناء على أصله أنهم لا يملكون أموالنا بالاحراز . وجه قولهما أن وجوب الزكطاة في السائمة باعتبار الملك دون اليد . ألا ترى أن ابن السبيل تلزمه الزكاة لما مضى إذا وصلت يده إلى الأموال لقيام ملكه فيها فكذلك في المغصوب فان بالغصب تنعدم اليد بالمغصوب منه دون الملك . وجه قولنا " حديث " على " Bه موقوفا عليه و مرفوعا إلى النبي A قال لا زكاة في مال الضمار " و معناه مال يتعذر الوصول إليه مع قيام الملك من قولك بعير ضامر إذا كان نحيفا مع قيام الحياة فيه و ان " عمر بن عبد العزيز " في خلافته لما أمر برد أموال بيت المال على أصحابها قيل أفلا نأخذ منهم زكاتها لما مضى قال لا فانها كانت ضمارا و المعنى فيه أن وجوب الزكاة في السائمة كان باعتبار معنى النماء و قد انسد على صاحبها طريق يحصل النماء منها بجحود الغاصب اياها فانعدم ما لاجله كان نصاب الزكاة بخلاف ابن السبيل فان النماء يحصل له بيد ثانية كما يحصل بيده فكان نصاب الزكاة لهذا و كذلك الضالة و ما سقط منه في البحر من مال التجارة إذا وصلت يده إليه بعد الحول فليس عليه الزكاة لما مضي لأن معنى المالية في النمو و الانتفاع و ذلك منعدم فكان مستهلكا معنى و إن كان قائما صورة و كذلك الدين المجحود و أطلق الجواب فيه في الكتاب و روى " هشام " عن " محمد " رحمهما الله تعالى قال ان كان معلوما للقاضي فعليه الزكاة لما مضى لنمكنه من الأخذ بعلم القاضي . وجه رواية الكتاب أنه لا زكاة عليه سواء كانت له بينة أو لم تكن له بينة اذ ليس كل شاهد يعدل ولا كل قاض يعدل و في الحاباة بين يديه في الخصومة ذل فكان له أن لا يذل نفسه و كثير من أصحابنا رحمهم الله تعالى قالوا اذا كانت له عليه بينة تلزمه الزكاة لما مضى لأن التقصير جاء منه . و روي " ابن سماعة " عن " أبي يوسف " و " محمد " رحمهما الله تعالى ان المديون اذا كان يقر معه سرا و يجحد في العلانية فليس عليه .
صفحة [ 172 ] الزكاة لما مضى إذا أخذه بمنزلة الجاحد سرا و علانية { قال } و إذا كان النصاب كاملا في أول الحول و آخره فالزكاة واجبة و ان انتقص فيما بين ذلك وقتا طويلا ما لم ينقطع أصله من يده و مال السائمة و التجارة فيه سواء عندنا . و قال " زفر " C تعالى لا تلزمه الزكاة إلا أن يكون النصاب من أول الحول إلى آخره كاملا و قال " الشافعي " C تعالى في السائمة كذلك و في مال التجارة قال انما يعتبر كمال النصاب في آخر الحول خاصة و لا يعتبر في أوله . وجه قول " زفر " C تعالى أن حولان الحول على المال شرط لوجوب الزكاة و كل جزء من الحول بمنزلة أوله و آخره . ألا ترى أنه لو هلك جميع النصاب في خلال الحول يجعل كهلاكه في أول الحول و آخره و كذلك السائمة إذا جعلها حمولة أو علوفة في وسط الحول انقطع به الحول كما لو فعل ذلك في أوله و آخره و هذا لأن ما دون النصاب ليس بمحل لوجوب الزكاة فيه كالعلوفة . و قال " الشافعي " C تعالى في السائمة كذلك و في مال التجارة قال القياس هكذا و لكني أزكيه لأن النصاب فيها معتبر من القيمة و يشق على صاحب المال تقويم ماله في كل يوم فلدفع المشقة قلنا إنما يعتبر كمال النصاب عند وجوب الزكاة و ذلك في آخر الحول { و لنا } ان اشتراط كمال النصاب ليحصل به صفة الغنى للمالك و الغنى معتبر عند ابتداء الحول لينعقد الحول على المال و عند كماله لتجب الزكاة فاما فيما بين ذلك فليس بحال انعقاد الحول و لا بحال وجوب الزكاة فلا يشترط غنى المالك فيه انما هو حال بقاء الحول المنعقد فلا بد من بقاء شيء ممن المحل لبقاء الحول فاذا هلك كله لم يبق شيء من المحل صالحا لبقاء الحول و كذلك إذا جعلها علوفة أو أعدها للاستعمال لم يبق شيء من المحل صالحا لبقاء الحول فاما بعد هلاك البعض فبقى المحل صالحا لبقاء الحول و هو نظير عقد المضاربة يبقى على الألف ببقاء بعضها حتى إذا ربح فيها يحصل جميع رأس المال أو لا بخلاف ما إذا هلكت كلها و ما اعتبره " الشافعي " C تعالى من المشقة صالح لاسقاط اعتبار كمال النصاب في خلال الحول لا في أوله لأنه لا يشق عليه تقويم ماله عند ابتداء الحول ليعرف به انعقاد الحول كما لا يشق عليه ذلك في آخر الحول ليعرف به وجوب الزكاة في ماله { قال } و يحتسب على الرجل في سائمته العمياء و العجفاء و الصغيرة و ما أشبهه و لا يؤخذ شيء منها لأن المعتبر فيها كمال النصاب من حيث العدد و ذلك حاصل بالكل و الأصل فيه حديث " عمر " Bه فان الناس شكوا إليه من السعاة فقالوا انهم يعدون علينا السخال و لا يأخذونها .
صفحة [ 173 ] فقال " عمر " Bه للساعي عد عليهم السخلة و إن جاء بها الراعي يحملها على كتفه ألسنا تركنا لكم الربى و الأكيلة و الماخض و فحل الغنم و ذلك عدل بين خيار المال و رذاله فبقول " عمر " Bه أخذنا و قلنا لا تؤخذ الربى و هي التي تربى ولدها و لا الاكيلة و هي التي تسمن للأكل قال " يونس " C تعالى هي الا كولة و أما الأكيلة فهي التي تكثر تناول العلف و لكن في عادة العوام أنهم يسمون التي تسمن للأكل الاكيلة و مقصود " محمد " C تعالى تعليم العوم فاختار ما كان معروفا في لغتهم ليكون أقرب إلى أفهامهم مع ما فيه من اتباع الأثر إلا أن يشكل عليه هذه اللغة و الماخض هي التي في بطنها ولد و فحل الغنم ظاهر لا يؤخذ من ذلك شيء لأنها من أعز الأموال عند أرباب المواشي . و " قال صلى الله عليه و سلم إياكم و كرائئم أموال الناس " ثم كما نظرنا لأرباب الأموال في ترك الأخذ من الكرائم نظرنا للفقراء في ترك الأخذ من الصغار و العجاف مع عدها عليهم ليعتدل النظر من الجانبين { قال } و إذا وجبت الصدقة في السائمة ثم باعها صاحبها جاز بيعه عندنا و لم يجز في قدر الزكاة عند " الشافعي " C تعالى قولا واحدا ة \ وله فيما وراء ذلك قولان . و حجته أن نصاب الزكاة صار مشغولا بحق الفقراء فيمتنع على صاحبها بيعها كالعبد المديون و النصاب لوجوب الزكاة فيه يصير كالمرهون بما وجب فيه و بيع المرهون لا يجوز . و علماؤنا رحمهم الله تعالى استدلوا " بحديث " حكيم ابن حزام " Bه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم بارك الله لك في صفقتك " فقد جوز بيع الأضحية بعد ما وجب حق الله تعالى فيها فصار هذا أصلا لنا أن تعلق حق لله تعالى في المال لا يمنع جواز البيع فيه و المعنى أن البيع يعتمد الملك و القدرة على التسليم و ملكه باق بعد وجوب الزكاة فيها و قدرته على التسليم باعتبار يده و لم يختل ذلك بوجوب الزكاة فيه فكان بيعه نافذا بخلاف المرهون فان اليد هناك مستحقة عليه للمرتهن فلم يكن مقدور التسليم له بخلاف العبد المديون فان ما ليته مستحقة عليه للغريم بدينه و جواز البيع باعتبار المالية ثم الزكاة في المال لا تتعلق بالمال تعلقا يتعين فيه حتى أن لصاحب المال اختيار الأداء من موضع آخر فهو نظير تعلق حق أولياء الجناية برقبة الجاني و ذلك يمنع صحة بيع المولى فيه كما قلنا فكذلك هذا { قال } و إذا حضر المصدق بعد البيع فالقياس أن يأخذ .
( يتبع . . . )