لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان هذه الأمة لرجح به . " حسبنا الله " محسبنا أي كافينا . يقال : أحسبه الشيء إذا كفاه والدليل على أنه بمعنى المحسب أنك تقول : هذا رجل حسبك فتصف به النكرة ؛ لأن إضافته لكونه في معنى اسم الفاعل غير حقيقة " ونعم الوكيل " ونعم الموكول إليه هو " فانقلبوا " فرجعوا من بدر " بنعمة من الله " وهي السلامة وحذر العدو منهم " وفضل " وهو الربح في التجارة كقوله " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم " البقرة : 198 . " لم يمسسهم سوء " لم يلقوا ما يسوؤهم من كيد عدو " واتبعوا رضوان الله " بجرأتهم وخروجهم " والله ذو فضل عظيم " قد تفضل عليهم بالتوفيق فيما فعلوا . وفي ذلك تحسير لمن تخلف عنهم وإظهار لخطأ رأيهم حيث حرموا أنفسهم ما فاز به هؤلاء . وروي أنهم قالوا : هل يكون هذا غزوا فاعطاهم الله ثواب الغزو ورضي عنهم .
" إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين " " الشيطان " خبر ذلكم بمعنى : إنما ذلكم المثبط هو الشيطان . ويخوف أولياءه : جملة مستأنفة بيان لشيطنته . أو الشيطان صفة لاسم الإشارة . ويخوف الخبر . والمراد بالشيطان نعيم أو أبو سفيان . ويجوز أن يكون على تقدير حذف المضاف بمعنى إنما ذلكم قول الشيطان أي قول إبليس لعنه الله " يخوف أولياءه " يخوفكم أولياءه الذين هم أبو سفيان وأصحابه . وتدل عليه قراءة ابن عباس وابن مسعود : يخوفكم أولياءه . وقوله : فلا تخافوهم . وقيل : يخوف أولياءه القاعدين عن الخروج مع رسول الله A . فإن قلت : فإلام رجع الضمير في " فلا تخافوهم " على هذا التفسير ؟ قلت : إلى الناس في قوله : " إن الناس قد جمعوا لكم " آل عمران : 183 ، فلا تخافوهم فتقعدوا عن القتال وتجنبوا " وخافون " فجاهدوا مع رسولي وسارعوا إلى ما يأمركم به " إن كنتم مؤمنين " يعني أن الإيمان يقتضي أن تؤثروا خوف الله على خوف الناس " ولا يخشون أحدا إلا الله " الأحزاب : 39 .
" ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر إنهم لن يضروا الله شيئا يريد الله ألا يجعل لهم حظا في الآخرة ولهم عذاب عظيم إن الذين اشتروا الكفر بالإيمان لن يضروا الله شيئا ولهم عذاب أليم ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين "